Advertisement

لبنان

لبنان.. بين IMF Program ومشروطيته

هتاف دهام - Hitaf Daham

|
Lebanon 24
15-12-2019 | 07:39
A-
A+
Doc-P-654793-637120220988354435.jpg
Doc-P-654793-637120220988354435.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
منذ أن خفضت وكالة "فيتش" الدولية تصنيف لبنان الائتماني من (CCC) إلى (CC)، معلنة أنه يمكن لإبرام لبنان اتفاق محتمل مع صندوق النقد الدولي أن يدعم وضعه المالي لكن من المؤكد أن هذا سيستلزم بعض إعادة هيكلة الدين الحكومي، حتى تعالت الاصوات المستجدية مساعدة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، لترتفع في المقابل اصوات رافضة الارتهان لسياسات المؤسسات المالية الدولية التي من شأنها أن تتحكم بالقوانين الاقتصادية وتفقد الدولة ما تبقى من حقها في مؤسسات حكومية باعتبار هؤلاء ان الخروج من الأزمة الحالية يمكن أن يتحقق من دونها من خلال الذهاب الى تطبيق إجراءات جريئة وجدية واصلاحية.
Advertisement
 
يقرض صندوق النقد الدولي حاليًا، بحسب الخبير القانوني الدولي في الشؤون المصرفية والاقتصادية المحامي علي زبيب لـ"لبنان24"، ما يقرب م 200 مليار دولار إلى أكثر من 35 دولة ، أبرزها: الأرجنتين والإكوادور ومصر والعراق والأردن وتونس وأوكرانيا - و 16 دولة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وفي السنوات الأخيرة ، قدم صندوق النقد الدولي برامجه لمعالجة الأزمات المالية ومواطن الضعف في البلدان في عدد كبير من دول العالم، بما في ذلك أنغولا وبربادوس وكولومبيا وملاوي والمغرب وسيراليون.
 
ومن هناك لطالما كان هناك جدل واسع بين الخبراء الإقتصاديين حول فعالية ومشروعية برنامج الصندوق IMF Program والذي عادة ما يُقدم كآخر الحلول عندما تكون الدول على قاب قوسين أو أدنى من الإنهيار الكامل والإفلاس والتي يأتي بعد التعثر. ويأتي هذا الجدل، بحسب زبيب نظراً لظاهرة "مشروطية الصندوق - IMF Conditionality والتي هي كناية عن مجموعة من الشروط القاسية يفرضها الصندوق على الدولة المقترضة، بحجة إعادة الثقة الإقتصادية وتفعيل الدورة الإقتصادية، على انه في العديد من الحالات خرجت هذه الشروط عن طابعها الإقتصادي ودخلت في أجندات سياسية تتلطى خلف الصندوق والتي لا تشكل بالضرورة فائدة للدولة المقترضة. علماً بأن الولايات المتحدة الأميركية هي القوّة الأكثر تأثيرها في الصندوق وقراراته.

وأصبح جلياً للقاصي والداني، بحسب الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان لـ لبنان24"، أن السياسات المتبعة من الحكومات المتعاقبة أثبتت فشلها بتأكيد الأرقام التي فضحت عجز السلطة السياسية حيث يتخطى الدين العام الـ87 مليار دولار؛ فيما سيكون العجز، أعلى بكثير مما كان متوقعاً في موازنة 2019 وسيتخطى الـ10% الى الناتج المحلي بعدما أكد وزير المال في حكومة تصريف الاعمال علي حسن خليل انخفاض الواردات، فضلا عن نشوء الأزمة النقدية الهائلة التي تعرض الأمن الغذائي والأمن الصحي والأمن الاجتماعي للخطر، وهذا ما أكد عليه رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري من خلال طلب خطوط ائتمان استيرادية لحماية الأمن الغذائي، هذا فضلا عن ان الحكومة لم تقم بأي تدبير من شأنه وقف الانهيار رغم توصيات مؤتمر سيدر وشروطه، وقد انعدمت الثقة بين السلطة والشعب، وفي ظل الشح المالي، باتت الحاجة الى 4 او 5 مليار ملحة قبل الشروع في الاصلاحات.
 
ما تقدم، يشير إلى أن الحاجة الى المؤسسات المانحة باتت ماسة بما فيها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، يقول ابو سليمان، فعادة ما يكون تدخل هذه المؤسسات عبر برامج تقشف يتمّ فرضها على الدول المتعثرة وتتضمن اصلاحات جذرية تلزم الحكومات تبنيها. واذا أخذنا نموذج مصر فيعتبر نموذجاً ناجحاً كونه ساعد مصر على تجاوز أزمتها وقد تخطى النمو الـ5% الذي أصبح الأعلى في المنطقة.
وليس بعيدا، يقول زبيب من جهته إن ما يمر به لبنان هو غير مسبوق تاريخياً على الرغم من مروره بعدد كبير من الحروب الطاحنة الداخلية والخارجية والخضّات السياسية ،الأمنية، الإجتماعية والإقتصادية، إلا ان جميع هذه التجارب لا تُقارن على المستوى الإقتصادي بما يحصل اليوم، والدليل الأبسط هو إنهدام السياسات الإقتصادية والمالية والنقدية، مما يؤدي بشكل مستمر إلى تخفيض التصنيف والذي يبدو سائراً نحو التعثر على الأقل وصولاً إلى إحتمال الإفلاس في حال عدم إيجاد حلول.
 
ومن هنا لا بد من البحث، وفق زبيب،في تفاصيل برنامج الصندوق وحيثياته بالنسبة للبنان:
أولاً: لن يوافق الصندوق على تقديم برنامج للبنان إلا إذا تم تشكيل حكومة تكنوقراطية مقبولة من الجميع، بما في ذلك الحراك المدني والذي يتمثل بالعدد الهائل من المواطنين المرابطين في الشوارع والساحات منذ شهرين.

ثانياً: ليس من الواضح مقدار الدعم الذي قد يستحصل عليه لينان، ولكن من المرجح ان يكون المبلغ الأولي حوالي 4 مليارات دولار، وهي حصة لبنان، علماً أنه بإمكان الجهات المعنية في الدولة ممارسة الضغط من أجل الحصول على المزيد من الدعم المالي.
وليس بعيداً، يقول أبو سليمان إن صندوق النقد الدولي سبق أن أشار الى مسائل عدة منها مثلاً التخمة في توظيفات القطاع العام، وأهمية تلزيم قطاع الكهرباء الى شركات خاصة، وبيع بعض أصول القطاع العام أو فرض الشراكة بين القطاعين العام والخاص واعادة هيكلة وجدولة الدين الذي قد يطال المودعين، وسبق لصندوق النقد أن ألمح الى haircut بمقدار 34% وتحرير سعر صرف الليرة.

وبالتوازي يشير زبيب الى أبرز الإيجابيات التي يكتنفها برنامج الصندوق وهي:
1- يلعب برنامج الصندوق حافزاً فعلياً أي أنه سيفتح الأبواب أمام الصناديق الأخرى للقيام بالدعم، وعلى وجه الخصوص من قبل البنك الدولي والذي هو يُعد المؤسسة التوأم للصندوق.
2- سوف يؤدي تقديم برنامج الصندوق إلا إبعاد المسؤولين عن السياسة الإقتصادية في لبنان وعلى وجه الخصوص الفريق الإقتصادي للرئيس الحريري (في حال تم تكليفه) وقد أثبت هذا الفريق قلة خبرة وضعف شديد في الدراية الإقتصادية مما زاد الأزمات الإقتصادية سوءاً، هذا بالإضافة إلى وجود ضعف في إدارة مالية الدولة نظراً للأبعاد السياسية التي تدخل في صميم القرارات الإقتصادية دون الإلتفات إلى النتائج السلبية؛ فعند بدء البرنامج سيقوم هؤلاء الأشخاص بالجلوس ومشاهدة كبار الخبراء الإقتصاديين يقومون بدورهم، وهو شيء نفتقده في لبنان.
 
اما على خط السلبيات التي قد تترتب على الاستعانة برنامج الصندوق فهي بحسب زبيب تتصل بـ
- التقشف، حيث ان برنامج صندوق النقد الدولي سوف يجلب الكثير من تدابير التقشف التي ستضرب الفقراء في المقام الأول، ويؤدي إلى تكبير الهوّة الإجتماعية وزيادة عدد المواطنين الرازحين تحت خط الفقر وهو الأمر التي أطلق الحراك في المقام الأول.
- تحرير العملة، حيث من المُرجح أن يتطلب البرنامج إصلاحات قاسية قد تشمل تحرير الليرة، وهو أمر سوف يحمل تداعيات اقتصادية واجتماعية وأمنية قد تودي بالبلد نحو المجهول، نظراً لتأثر موظفي القطاع العام والمتقاعدين والأسلاك العسكرية والأمنية وأصحاب الإدخارات الصغيرة والمتوسطة بالليرة اللبنانية.
- إلغاء الدعم عن الخدمات الأساسية، فنظرًا للديون غير المستدامة، من المرجح أن يركز البرنامج على التدابير المالية التي قد تتضمن إلغاء الدعم عن الوقود والكهرباء، وهو أمر لن يقوى الشعب على تحمله وخاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة.
- زيادة الضرائب حيث ان البرنامج سوف يتطلب على الأرجح زيادات ضريبية تطال جميع الطبقات ومنها الأكثر فقراً وذلك بهدف زيادة قاعدة الإيرادات.
 
أما ابو سليمان فيقول بدوره في هذا السياق، الى ان المخاطر المترتبة عن الاستعانة بصندوق النقد الدولي، تكمن في كون البرنامج لا يأخذ بعين الاعتبار العدالة الاجتماعية وقد يطال كل الطبقات لا سيما الطبقات الفقيرة كون اجراءاته موجعة.
 
وبالعودة الى قراءة زبيب الذي كان قد أجرى بحث معمّق في مشروطية صندوق النقد الدولي والتي تم نشره في مجلة العدل لدى نقابة المحامين في الربع الثالث من العام 2007 إضافة إلى مشاركته في جميع الإجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في العشر سنوات الأخيرة في واشنطن ودول أخرى، فإن فكرة السعي الى طلب برنامج من الصندوق في الأحوال الراهنة، هي خطوة خطيرة وخاسرة سوف تؤدي إلى الكثير من الاضطرابات الاجتماعية والأمنية، كما يجزم زبيب بأن الحكومة لن تكون قادرة على الالتزام بالإجراءات الصارمة التي ستلتزم بها وهو ما سيزيد الامور تعقيداً، كون الصندوق يعتمد سياسة التسديد الجزئي Gradual Disbursements أي ان الدفعات ستُسدد بمراحل مختلفة طبقاً لتنفيذ الشروط المسبقة، لذا إن لم تُلبِ الدولة الإصلاحات في الربع الأول (وهو امر متوقع إذا لم نقل مؤكد)، فلن يحصلوا على الدفعة التالية.
ومن هنا يعتقد زبيب أن الحل هو الاستمرار في تقديم المساعدة الفنية والتقنية من الصندوق للبنان عوضاً وليس البرنامج المالي الذي يجري الحديث عنه.
 
وعليه يجب على الحكومة أن تطلب المساعدة الفنية والتقنية التي تركز على إصلاح النظام الضريبي، ولا سيما العمل مع الصندوق لإقرار "ضريبة الثروة"، وهي برأي زبيب البديل الأفضل عن "قص الشعر - HairCuts". كما يقترح ان يتم فرض هذه الضريبة على الأشخاص الذين تفوق حساباتهم 250 ألف د.أ، وبشكل تدريجي وعند سحب الأموال.
 
هذا الإجراء سوف يسمح بعكس ضوابط رأس المال المفروضة بحكم الواقع من قبل المصارف، وبالتالي السماح للمودعين باستخدام أموالهم ولكن مع فرض ضريبة عند السحب. هذا مشابه للضريبة التي تفرضها الولايات المتحدة على الهدايا أو الميراث، والتي يمكن أن تصل إلى 40٪ للأشخاص الذين تزيد حساباتهم عن 5 ملايين د.أ.
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك