Advertisement

لبنان

حقوق الطوائف.. يا غيرة الدين

نانسي رزوق

|
Lebanon 24
21-01-2020 | 03:31
A-
A+
Doc-P-666487-637151994924078132.jpg
Doc-P-666487-637151994924078132.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
لسنا في سويسرا الشرق. كما أننا قطعاً لسنا في بلاد التعايش بين الأديان. فلنكن صريحين. دعونا نخرج من هذه الكذبة ونتقبل الواقع. هذا الواقع يقول أننا وبعد أكثر من ثلاثة أشهر على الإنتفاضة الشعبية الأولى التي يشهدها لبنان منذ تأسيسه، ما زالت السلطة تتعاطى الشأن العام كما لو أننا في مرحلة ما قبل لبنان الكبير.
Advertisement

التعايش بين اللبنانيين حاصل بحكم التواصل الإجتماعي والإقتصادي، من دون الحاجة إلى تذكيرهم بوجوب ذلك بينهم. وهذا دأب السلطة وكل من يتناوب على الحكم في لبنان، حتى يصح وصف خطاباتهم عن التعايش بالخشبي والممل.

فما نفع الدعوة إلى التعايش، اليوم تحديداً، فيما يعمل أصحاب السلطة على شدّ العصب الطائفي لتحقيق مكاسب سياسية؟

لا يختلف أحد من اللبنانيين سواء من يفترشون الشوارع أو من يعيشون جوا من التضامن مع المتظاهرين من بيوتهم، بأن الوضعين الإقتصادي والإجتماعي لا يحتملان الإستمرار فيهما. ولا يهم أحد منهم هوية الوزراء والوزارات، بقدر ما ينتظرونه من إنفراج سريع.

لكن خطاب السلطة وسلوكها في ناحية وهموم الناس في ناحية أخرى، حتى يكاد يشعر المتابع بأن السلطة تتصرف وكأنها تحكم مواطنين من دولة أخرى.

ويتبدّى هذا بوضوح في كل ما يرشح عن الخلافات التي تعيق حتى الساعة تشكيل الحكومة العتيدة، مثل عقدة فلان وحصة فلان وحقوق الطائفة الفلانية وهكذا دواليك. وليس خافياً على أي متابع أن الأجسام الطائفية تسعى للتماسك بإعتماد أطرافها، وهم من أصحاب العداوات والخصام التاريخيين، التمترس خلف عناوين حماية حقوق الطائفة كذا ثم الميثاق الوطني وغيرها من العناوين الفضفاضة.

هذا التعنّت يقابله كثير من الناس باستهزاء صريح، وهم من جميع الطوائف، في تعبير عن حجم السأم من كل من يمسكون بزمام الأمور.

وهذا يعيد إلى الأذهان أحد أبرز المطالب الشعبية، التي لم تلق تجاوباً وتم التحذير من الوصول اليها خوفا من الفراغ وحفاظاً على الإستقرار، وهي "كلن يعني كلن"، كأصدق تعبير عن اللاثقة التي تحكم علاقة اللبنانيين برموز السلطة، وتوجسهم من منح هؤلاء فرصة جديدة يراكمون فيها مأساتنا، ويظهر أن هذا الشعار كان فعالاً وصادقاً إلى أبعد الحدود، فها نحن نعاين نتيجته منذ أكثر من شهر. 

يمكن القول أن أبناء الطوائف في أماكنهم الطبيعية، حيث الإنتماء الديني والثقافي، وتواصلهم مع بعضهم بعضاً يركن إلى ضرورات التواصل الإنساني. وهم عندما انتفضوا كانوا يملكون وعياً كافياً بأن الأزمة تطال الجميع من دون تفرقة، وأن خطاب التعايش السمج غايته إطالة أمد إستغلالهم. أبناء الطوائف يريدون تغيير من أفقرهم، وربما لو خُيّروا بين مسلم أو مسيحي لما اهتموا طالما يحصّلون حقوقهم بكرامة.

لكن السلطة تعاود لعبتها، كأنها تنبش من تاريخ الأديان وتتلاعب بأحداثه، حتى يشعر المستمع لدفاع رموز السلطة عن حقوق الطوائف التوازن بينها، أن إنجيل يوحنا أوصى المسيحيين بعشرة وزراء بدلا من خمسة، أو أن صحابياً أوصى المسلمين بوزارات محددة دون غيرها.

إنه زمن التفاهة والإفلاس السياسي والأخلاقي، حينما نغرق في مطامعنا ونتعمد التعامي عن أوجاع الناس وآلامهم.
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك