تسود حالة من التكهنات حول وضعية النائب جبران باسيل في ضوء تداعيات و انعكاسات زلزال 17 تشرين الاول الشعبي، على أن التحدي المتصل بمستقبل "ولي عهد" رئيس الجمهورية ينحصر بالبراعة الفائقة للتعامل مع فداحة الحالة العصبية التي تهدد مصير لبنان بأكمله.
لا يمكن التقليل من الأضرار التي لحقت بعهد الرئيس عون بعدما بلغ مراحله الأخيرة عند عتبة السنة الرابعة طالما ان المرحلة المتبقية ليست سوى مجرد "تصريف أعمال"، خصوصا في ظل العطل البنيوي في التسوية السياسية التي حالت دون تحقيق إنجازات والتلهي بالمعارك المختلفة وسياسة شل الدولة وتعطيل مؤسساتها.
من الواضح حجم الارتباك عند "التيار الوطني الحر" بالتعامل مع هذه النتائج المخيبة، و قد لا تنفع المكابرة سوى لاقناع الذات بأن "لا خشية على العهد وهو بمنأى عن العواصف"، قد لا ينفع الهروب إلى الأمام و اتباع سياسة الازدواجية من أجل الحرص على السلطة مقابل عدم فقدان الشارع، وآخر الفصول احتجاج حزب العهد على حاكم مصرف لبنان الذي مدد له بإقتراح من سيد العهد!.
من أجل التقاط الأنفاس ووقف كرة الثلج المتدحرجة تموضع جبران باسيل ضمن المساحة الآمنة محاولا الاستفادة من الظروف الملتبسة ما بين تراجع زخم الاحتجاجات مقابل العجز بتقديم الحلول، فأطلق العنان للدفاع عن العهد، كما وضع التيار والكتلة النيابية رأس حربة الهجوم السياسي على الحريري.
باسيل يحاول جاهدا تأمين صمود العهد في ظل دولة مهترئة و مؤسسات بالية، بينما التحدي الراهن والمحفوف بالمخاطر دفع كأس الانتخابات النيابية المبكرة والتذرع بمنح حكومة دياب فترة سماح ولو لشهور قليلة.
يقول مطلعون بأن وصول عهد عون إلى حالة الاستنزاف الكامل، دفع باسيل الجوء إلى بكركي حاملا هواجس الوجود المسيحي ضمن نظام سياسي آيل إلى السقوط مع تركيبة سياسية مهددة بالتلاشي، في ظل يقين كامل بأن أصوات الغضب الشعبي ستنتقل من الشوارع إلى صناديق الاقتراع، وهنا تكمن المعضلة الأساسية في ضوء الادعاء المستمر بتمثيل النسبة الأكبر من المسيحيين.
يؤكد هؤلاء أن تحرك باسيل صوب بكركي نابع من تقديم إنجاز يؤكد على الحيثية المسيحية مهما اشتد الضغط الغربية، وأن الاصرار على تدخل البطريركية المارونية نابع من مكانتها، إن لم نقل نفوذها لدى الفاتيكان من أجل العمل للحد من الهجرة التي وصلت إلى معدلات خيالية في ظل الوضع المأسوي، ما قد يؤدي حكما إلى تلاشي التأثير المسيحي بشكل كامل.