Advertisement

لبنان

كيف أقنع "حزب الله" برّي بعدم تفجير حكومة دياب؟

Lebanon 24
29-03-2020 | 02:30
A-
A+
Doc-P-688332-637210659713309574.jpg
Doc-P-688332-637210659713309574.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
تحت عنوان: "كيف أقنع حزب الله بري بعدم تفجير حكومة دياب؟"، كتب حسين أيوب في موقع "180post":  إشتباكات بالجملة يشعلها رئيس مجلس النواب نبيه بري مع حكومة حسان دياب. آخرها موضوع المغتربين الراغبين بالعودة إلى لبنان، ربطاً بحماية أفضل قد يوفرها لهم بلدهم من فيروس كورونا.
Advertisement
 
لو قُيّض لنبيه بري ألا تُولد حكومة حسان دياب، لما قصّر، غير أن الضرورات تبيح المحظورات لكن لمرحلة وظرف وأمد محددين. قَبِلَ بها، وبرئيسها، على مضض، برغم رهانه وبعض المحيطين به، على سقوط الرئيس المكلف وصيغة التكنوقراط، على تلك الدروب المُتعرجة بين بعبدا والضاحية الجنوبية وعين التينة.

في الأصل، لا يستمتع بري، الذكي، لا بل الثعلب سياسياً، بأية بطانة غير سياسية. لا الكيمياء موجودة ولا مساحات لـ”التآمر”، وهي الحرفة الأحب إلى قلب رئيس مجلس النواب. الأخذ والرد مفتقدان. يشعر أنه أمام شبيه بلوحة الموناليزا الشهيرة. لكن هذه “اللوحة” ليس معروفاً لا من “رسمها” ولا من هو “صاحبها”. كل راغب فيها يختار زاوية تناسبه أو فسحة تعجبه أو مصلحة له بإقتنائها، كلياً أو جزئياً. الإبتسامة الغامضة إياها. النظرة الحائرة. لا تستطيع تكوين إنطباع نهائي. تتركك في حيرة من أمرك.. وهذه هي حال نبيه بري مع حسان دياب.

أخذ بري ما يريده من الحكومة، حصصاً وتوازنات، وأعطاها هي ورئيسها و”راعيها”، ما لم تكن تنتظره. تعمد رئيس السلطة التشريعية أن يتجاوز الدستور والنظام الداخلي للمجلس، وسرق بالسياسة، من أجل الثقة النيابية بالوزارة، ما لم يكن بمقدور أحد غيره أن يسرقه أو يفعله. إقتضى الأمر “سلفة سياسية” شارك في “التبرع” بها الثلاثي سعد الحريري ووليد جنبلاط والقوات اللبنانية، ولو لم ينجح رئيس المجلس بإجتذاب “هؤلاء”، وهم في السياسة في المقلب الآخر، إلى القاعة العامة (النصاب)، لكانت حكومة حسان دياب في خبر كان.. أو في أحسن الأحوال، حكومة تصريف أعمال، لا أكثر ولا أقل.

سلّف بري وإستلف. له أن يقايض في السياسة، وهو يعتبر ذلك حقاً مشروعاً، لا بل مبرر وجوده ودوره، ليس في هذه المرحلة وحسب، بل منذ العام 2005 حتى الآن. المقصود بهذا التاريخ، لحظة الخروج العسكري السوري من لبنان. حينذاك، حاول كثيرون من أهل الداخل و”القناصل” أن يملأوا الفراغ السياسي السوري، فكان أن إتسعت هوامش نبيه بري، كما لم تكن من قبل. ليس خافياً على أحد أنه إستفاد أيضاً من تفويض حزب الله وأمينه العام السيد حسن نصرالله، وهو تفويض ما زال ساري المفعول، في المعادلة الداخلية، ولو أنه بات في السنوات الأخيرة مقيداً بضوابط معينة.

في أكثر من محطة من محطات حكومة عمرها أربعة وأربعين يوماً، تبدت وجهات نظر مختلفة في مقاربة أكثر من عنوان، أبرزها قضية تسديد سندات اليويوربوند. في النهاية، خرج بري رابحاً، بإعتباره بكّر في إعلان موقفه الرافض للتسديد. وكما هو عمر الحكومة 44 يوماً، تراكمت أربع ملفات ـ إشتباكات: إعلان حالة الطوارىء، مشروع الكابيتال كونترول، التعيينات (تحديداً نواب حاكم مصرف لبنان)، وأخيراً ملف عودة المغتربين. في واحد أو أكثر من هذه العناوين الأربعة، بدا أن ثمة رباعي سياسي متناغم أيضا: نبيه بري، سعد الحريري، وليد جنبلاط وسليمان فرنجية، وللأمر بحث آخر..
 
أقفل ملف إعلان حالة الطوارىء، أقله حالياً، لأسباب سياسية ودستورية وعملانية. طُوي أيضاً ملف الكابيتال كونترول لأسباب مجهولة حتى الآن. تم تأجيل ملف التعيينات حتى يتم إنضاجه سياسياً… أما ملف الإغتراب، فقد إتخذ بعداً سياسياً إستثنائياً، مع تهديد رئيس المجلس بتعليق مشاركة وزيريه غازي وزني (المال) وعباس مرتضى (الزراعة والثقافة)، في حكومة دياب ما بعد الثلاثاء المقبل “إذا بقيت الحكومة على موقفها إزاء المغتربين”!

في الشكل، إستجاب رئيس الحكومة لمطلب رئيس المجلس النيابي، ولو أنه إستعار من القاموس السياسي لقضية النزوح السوري، عبارة “العودة الآمنة”، لكن هذه المرة للمغتربين، أي أن تكون مشروطة “بخطة سريعة ومحسوبة ومدروسة” كما قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.

في المضمون، يمكن القول إن موضوع المغتربين حيوي جداً جداً لرئيس مجلس النواب، ليس منذ الآن، بل منذ زمن بعيد. هو القائل بأن هؤلاء هم قرش البلد الأبيض وإحتياطي لبنان الإستراتيجي.

إختلط الأمر على حسان دياب في بداية الأمر. إعتقد أن الأمر يتصل سياسياً بالحكومة، لا بالإغتراب، وهو العائد من جلسة كان مناخها سلبيا جدا مع رئيس المجلس قبل ايام قليلة. قرر رئيس الحكومة الإستعانة بـ”صديق”، فتدخل المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل.

تواصل حسين الخليل، مع رئيس المجلس، وهنا كانت الصدمة الكبيرة. بيان الإستقالة في عين التينة كان جاهزاً وبري قرر أن يذهب أبعد مما يتوقع كثيرون، وهذه المرة ليس بالواسطة، أي أن يطلب من غيره إعلان موقف، بل هو من سيعلنه. البيان يقول بأنه حتى تاريخ كذا، إذا لم تبادر الحكومة إلى إتخاذ خطوات، فإن وزيري حركة أمل في الحكومة أصبحا خارجها، أي قدما إستقالتهما ولا عودة عنها. تم الإتفاق على تجميد البيان. تسارعت وتيرة المشاورات بين حزب الله ممثلا بالحاج حسين الخليل ورئيس الحكومة، وتم التفاهم على صيغة البيان الصادر إثر الإجتماع الوزاري الطارىء في السراي الكبير والذي غاب عنه ممثلا بري في الحكومة، الوزيران غازي وزني وعباس مرتضى. هذه “الصياغة الخليلية” لاقت صداها في عين التينة، فكان البيان المخفف بالتلويح بتعليق المشاركة، بدل الإستقالة.

لم يكن حسان دياب مضطراً لإحراج نفسه. حزب الله لا يريد التفريط بالحكومة لأنه مدرك أن سقوطها يعني أن لا حكومة جديدة لا في المدى القريب ولا البعيد، وبالتالي، سيؤدي ذلك إلى تفسخ وضعف لا بل إنهيار الجبهة الداخلية. هذه الروحية عبّر عنها خطاب الأمين العام لحزب الله الذي بقي على تواصل مع معاونه السياسي، إلى ما قبل دقائق قليلة من إطلالته التلفزيونية هذه الليلة.

مجدداً، قال بري إن موضوع المغتربين “قدس الأقداس”. الأمر غير قابل للتفاوض. “ما حدا يلعب معي بهذا الملف تحديدا”. “لا أحد يتحدى نبيه بري بموضوع الإغتراب”. عبارات سمعها كل من دخل على الخط في الساعات الأخيرة. هل أمكن فك طلاسم هذه الإشتباكات المتفرقة؟

لا أحد يمتلك جواباً دقيقاً. الأكيد أن الحكومة ستضع خطة، وفق آلية عبر عن أبرز ملامحها السيد نصرالله وقبله رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.

أما باقي الملفات، فهي قيد التفاوض. لا إشكالية في موضوع التعيينات في مصرف لبنان. وزير المال (بري ضمناً) هو الممر الإلزامي للملف سواء في ما يخص الإسم الشيعي أو حتى بالنسبة إلى حسم باقي الأسماء.. بالتفاوض مع الآخرين.

لا ينفي ذلك أن الحكومة بالنسبة إلى بري هي حكومة إنتقالية يأمل أن لا يطول عمرها وأن تأتي من بعدها حكومة سياسية أو بالحد الأدنى حكومة تكنوسياسية.
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

 
إشترك