Advertisement

لبنان

التعليم عن بعد... أكون أو لا أكون

شفيقة الأيوبي

|
Lebanon 24
21-04-2020 | 02:21
A-
A+
Doc-P-695780-637230578661392594.jpg
Doc-P-695780-637230578661392594.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
سيطرت جائحة كورونا على العالم بأسره، بدّلت سياسات اقتصادية، فتكت باقتصاد الدول العملاقة، أوقفت حركة الطيران ودورة الحياة الطبيعية، غيّرت الأولويات، أنسنت البشر ووحّدت الثقافات وجعلتها ثقافة واحدة تحت مسمّى "ثقافة الوجودية": أكون أو لا أكون.
Advertisement

العادات تغيّرت، الموازين انقلبت وجعلت الحياة مشلولة في مختلف بلدان العالم. حوّل هذا الفيروس الصغير من حيث الشكل، الخطير من حيث الفعل القرية الكونية الى قرية كورونية. سجن الناس باختلاف أشكالها، ثقافاتها ومستوياتها الاجتماعية والثقافية بين جدران صفراء تخشى على نفسها من الموت، وساوى الغني بالفقير والقوي بالضعيف.

ها هو العالم بانتظار أعجوبة قد تأتي عبر خبر على وسائل التواصل وقد لا تأتي.

فرضت هذه الجائحة قوانين جديدة ونظم حياة استثنائية، إمّا أن تسير البلدان وفقها وإمّا أن تبقى متفرّجة على قطار العالم السريع السائر من دون توقّف.

وقد تأثّر التعليم كما الاقتصاد بشكل لافت بهذا الوضع، فسارت بعض الدول بمبدأ التعليم عن بعد الذي أسعد الطالب الواعي الذي يسعى للحفاظ على عامل الوقت في مسيرته التعليمية، ورفضه الطالب الذي يعارض لمجرّد المعارضة.

لحقت الدول العربية بقطار دول العالم واعتمدت مبدأ التعليم عن بعد ونجحت بذلك في مدارسها وجامعاتها ولاقت تأييداً كبيراً برغم الصعوبات.

لحق لبنان بالتطوّر الحاصل في البلدان واعتمد مبدأ التعليم عن بعد، إذ عملت وزارة التربية والتعليم العالي على تحدّي الظروف الاقتصادية والزمانية- المكانية ومشاكل الانترنت على السير وفق هذا النهج. وكذلك قامت الجامعة اللبنانية بمختلف كلياتها بتحسين قدراتها واعتماد مبدأ التعليم عن بعد حفاظاً على الوقت ومستقبل الطلاب وطوّرت امكانياتها لمواكبة عصر السرعة، عصر التعليم الذي يتحدّى الصعوبات والمسافات.

وبدأت الدروس في الكليات منذ عشرين يوماً، كانت المحاضرات فيها تصل الى بيت كل طالب سواء عبر البث المباشر أو مسجلة يتسنّى له العودة اليها متى شاء ومتى احتاج. وكان الأساتذة متعاونين يقومون بمهامهم كما في قاعة المحاضرات لدرجة ان الطالب السعيد باختصاصه يتماهى في المادة وينسى أنه بين جدران غرفته بعيداً عن الكلية.

وكالعادة تحمّس الطالب اللاهث للخروج من قوقعة الذات وأحبّ التعليم عن بعد، ورفض البعض الآخر ممّن يبحث عن المشاكل وسط الحلول ضد مبدأ التعليم بحجّة ضعف الانترنت وضعف القدرة الشرائية لتأمين الانترنت في المنازل.

انقسم الطلاب بين مؤيّد ومعارض للتعليم. والمعارضون فاقوا المؤيدين، هؤلاء المعارضون الذين يتغيّبون عن المحاضرة حتى لو كانت قائمة في قاعة الكلية باحثين عن التسلية والعلاقات الاجتماعية.

بين بلدان أجنبية من يلجأ للتعليم عن سطح القمر بعد سنوات قليلة، وبينها دول عربية طوّرت نفسها وواكبت التطوّر، وبينهم طلاب بلاد الحرف الذين اعتادوا على فكرة موت الوقت في أعينهم ومبدأ الفوضى الخلّاقة والمعارضة لمبدأ المعارضة. بات سلاح الطالب مبدأ العوز والفقر يتسلّح به وقد أوقف عقله عند مبدأ الحجج الواهية ناسياً ان كلفة الانترنت الشهرية في المنزل أقل من كلفة ذهابه لجامعته الوطنية خمسة أيام في الأسبوع. مجموعات تدعو الى الاضراب وأخرى لتجاهل الأساتذة وحجّتهم الوضع الاقتصادي السيء من دون البحث عن تحويل المحن الى منح مطالبين بإلغاء العام الدراسي وإعادة الرسوم او التسجيل في العام المقبل بنفس الرسوم، التي قاموا بدفعها او قيام الجامعة بمبدأ الترفيع الى السنة المقبلة.

وها نحن نقف ونتفرّج على التطوّر والثورة الرقمية تمرّ بجانبنا من دون اللحاق بها، والتي اذا بقينا كذلك ستأتي دول العالم للتفرّج علينا عوضاً عن زيارة المتاحف. ها نحن نتطلّع الى مستقبل يخشى من التقدّم والبحث عن الفرص الضائعة وتحويل الجائحة الى نافعة وشباب لا يتوق الى الركوب في قطار الدول المتقدّمة ويبحث عن التسلية في الانترنت عبر مجموعات الواتساب والفيسبوك والتعارف، وعندما يصبح الانترنت للفائدة يعودون الى عصر الوثنية والكونفوشيوسية.

تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك