Advertisement

لبنان

لبنان بين الالتزام بقانون قيصر أو العزلة الدولية

هتاف دهام - Hitaf Daham

|
Lebanon 24
04-06-2020 | 10:28
A-
A+
Doc-P-710136-637268888170032000.jpg
Doc-P-710136-637268888170032000.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
أما وقد دخل حيز التنفيذ قانون قيصر الاميركي الذي وقعه الرئيس دونالد ترامب في 20 كانون الاول، فإن هذا القانون يعتبر نسخة سورية عن قانون "تحرير العراق" العام 1998 وعن قانون منع التمويل الدولي لحزب الله اللبناني الذي صدر عام 2015 وجرى تعديله في العام 2017، وأكثر من ذلك يعتبر القانون، بحسب الخبير القانوني الدولي في الشؤون الاقتصادية والمصرفية علي زبيب لـ"لبنان24"، الأخطر كونه يستهدف الدولة السورية وأركانها ومفاصلها، فهو لا يستهدف النظام السوري والمؤسسات فحسب، إنما أيضاً الدول والشركات والمؤسسات والأفراد التي تتعامل مع الدولة السورية طالما أن النظام الحالي (برئاسة الرئيس بشار الأسد) على رأسها، علما أن هذا القانون يتزامن مع مشروع قانون السيناتور الأميركي تيد كروز ضد لبنان بذريعة أنه تحت سيطرة حزب الله.
Advertisement
 
 
اللافت في قانون قيصر أنه يميز بين عقوبات أولية وعقوبات ثانوية. فالعقوبات الأولية تفرض على جميع الأشخاص الاميركيين والمؤسسات الأميركية التي تتعاطى مع الدولة السورية. بيد أن العقوبات الثانوية توسعت لتشمل أي كيان أو شركة أو فرد أو دولة تتعاون أو تدعم النظام السوري وستحلق بهم أضراراً كبيرة.

لقد أدرجت واشنطن قانون قيصر في موازنة الدفاع الأميركية لعام 2020 لتفادي أي عرقلة جديدة في الكونغرس، وهذا يعني أن لا إمكانية للتذرع بغياب الدعم المالي لعدم تطبيقه، يقول زبيب. ومع ذلك، فهل سيتم تطبيق هذا القانون وما مدى تطبيقه؟ وهل  يمكن ان تهدف الادارة الاميركية إلى استخدام هذا القانون في عملية المفاوضات السياسية حيال سوريا للوصول إلى الحد الاقصى من المكاسب ووضع اليد على ثروتها الطبيعية ومفاصل القرار السياسي فيها؟ وماذا عن سوريا هل ستكون من جهتها، قادرة على مقاومة هذا القانون وتداعياته؟

بالنسبة إلى زبيب، فإن دمشق اعتادت على الحصار والالتفاف على القوانين لا سيما أن معظم مؤسساتها وكياناتها وافرادها ومصارفها تحت جناح العقوبات، وبالتالي فان الخطورة تكمن في الدول التي لا تزال تتعاون مع سوريا، لجهة كيفية تعاطي هذه الدول التي تربطها بها علاقات اقتصادية، لا سيما أنها ستكون عرضة لعقوبات هي بغنى عنها، ومن الطبيعي أن تقلق على مصالحها، ولذلك ربما تنكفئ عن التعاون مع الحكومة السورية وتجمد مشاريعها التي كانت على استعداد للدخول بها خاصة ما يتصل باعادة الاعمار.

لم يأت القانون على ذكر لبنان بالاسم، لكن ذلك لا يعني على الإطلاق أنه سيكون بمنأى عن تبعاته السلبية، فلبنان، وفق زبيب، لا يملك القدرة على مجابهة القوانين الأميركية والتصدي لها؛ من هنا جرى الاتفاق بين والقطاع المصرفي والبنك المركزي والمكونات السياسية كافة من دون استئناء على عملية الامتثال للقانون على قاعدة أنها ضرورية ومهمة وملحة بمعزل عن تمسك القوى المناوئة لواشنطن في الوقت عينه بالمحافظة على السيادة.

من الناحية القانونية، فإن الحكومة غير ملزمة بتطبيق أي قانون أجنبي لا يصدر عن الأمم المتحدة أو بموجب معاهدة وقع عليها لبنان. لكن في الواقع، المشهد مختلف كلياً، فالوضع الراهن لا يسمح للبنان بعدم الالتزام بالقانون، ومرد ذلك الخوف من العقوبات التي من شانها أن تزيد من حالة الترهل الاقتصادي الراهن.

وعليه، لا بد من قيام لبنان من تحديد موقفه على المستوى الاقتصادي الرسمي لجهة القيام بعملية الالتفاف المشروع حول هذا القانون، مع ترجيح زيبب، ذهاب بعض الاختصاصيين والمعنيين في لبنان إلى الادعاء على الدولة الأميركية أو  تقديم الطعن بهذا القانون لأنه يترك أثرا سلبياً على العلاقة بين دولتين مجاورتين تربطهما علاقات اقتصادية مهمة لكلا البلدين.

وفق المفاوضات الجارية مع وفد صندوق النقد الدولي، فإن الطريق إلى الحصول على أموال ودعم من صندوق النقد يمرّ بـ"المعابر غير الشرعية"، وفي هذا السياق، بدا جليا، وفق زبيب، الربط بين قانون قيصر وهذه المعابر، لجهة تذرع البعض بأنه لا يمكن أن يقوم الصندوق بتزويد لبنان بدعم مالي مخافة ان تذهب الاموال إلى شراء مواد اساسية وتهريبها إلى سوريا عبر هذه المعابر، علما ان المفارقة تكمن في ان شرق سوريا الخاضع لسيطرة "قسد" جرى اعفاؤه من قانون قيصر  وسمح لقسد التعاون مع سوريا وبيع النفط إلى دمشق، الامر الذي يطرح علامات استفهام حول هل أن واشنطن تريد استهداف النظام السوري أم أنها تهدف من خلال القانون إلى المزيد من الضغوطات على الدول التي كان لها الباع الطويل في الحرب ضد الارهاب.

 واذا كان الارتباط المباشر بين الشركات اللبنانية والحكومة السورية ضئيلا جداً وفق المراقبين، فإن الخطر الاكبر هو على المصارف اللبنانية التي لديها فروعا في سوريا. وفي هذا السياق، يقول زبيب، إن وضع المصارف حساس جدا الامر الذي يستوجب  التعاطي بدراية وعقد اجتماعات سريعة ومكثفة بين جمعية المصارف في لبنان ومصرف لبنان وخبراء قانونيين ماليين واقتصاديين تحت عباءة اتحاد المصارف العربية لايجاد صيغة تحمي المصارف اللبنانية وتخرجهم بأقل ضرر ممكن، لا سيما ان مصرف لبنان وجمعية المصارف اعضاء في الاتحاد الذي لطالما عقد جلسات نقاش بين مصارف عربية واميركية وهو يستضيف بشكل سنوي صناع القرار في واشنطن( الخزانة الاميركية  - مكتب مراقبة الأصول الأجنبية أوفاك - والمصرف الاحتياطي الفيدرالي).

وسط ما تقدم،  لا ريب في القول إن لبنان في مهب العاصفة، الأمر الذي يستدعي إجراء المعنيين على كل المستويات السياسية والاقتصادية والمالية، إجراء دراسة معمقة للقانون لمعرفة ثغراته وعدم تعريض لبنان لعقوبات لا يقوى على تحملها في ظل أزمة اجتماعية ومعيشية وانهيار اقتصادي. فالبلد على شفير الافلاس ولا يمكنه الدخول في عزلة دولية.
المصدر: خاص لبنان 24
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك