Advertisement

لبنان

"قيصر" لا يريد رأس الأسد بل حصّة مع القيصر الروسي.. إيران الخاسر الأكبر وللبنان استثناءات محتملة

نوال الأشقر Nawal al Achkar

|
Lebanon 24
23-06-2020 | 08:00
A-
A+
Doc-P-716659-637285109455135869.jpg
Doc-P-716659-637285109455135869.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
ليس فرض العقوبات هدفًا بحدّ ذاته بقدر ما هو وسيلة تعتمدها الإدارة الأميركية لتحقيق أهدافها، بنفسٍ طويل يتخطّى الحسابات الرئاسية الأميركية إلى ما هو أبعد من ذلك، ليخدم في نهاية المطاف السياسات الخارجية والنفوذ الأميركي في العالم. من هذا المنطلق يمكن فهم التوقيت الأميركي لبدء تنفيذ "قانون قيصر". ففي اللحظة التي رأت فيها موسكو أنّ موعد قطاف انتصاراتها في سوريا قد حان، رمت واشنطن بقانونها في وجه الجميع، وهي التي آثرت منذ البداية النأي بنفسها عن التورط العسكري، لاسيّما وأنّ السلاح الإقتصادي الذي تمتلكه أنجع وأوفر. لحظة استيلاد "قيصر" بدت مناسبة، لاسيّما وأنّ مسارات التسوية في سوريا بدأت ترتسم، قبل حوالي عام من موعد الإنتخابات الرئاسية السورية منتصف عام 2021، فيما الأرضية السورية شبه جاهزة للفدرلة. 
Advertisement
إذن فتحت واشنطن البازار الدولي لتقاسم النفوذ بين الدول المؤثّرة في الجغرافية السورية. إيران أكثر المتضررين من مفاعيل "قيصر"، إذ لن تجد الأخيرة مكانًا لها في أرض الشام، خصوصًا وأنّ موسكو لم ولن تمانع  ذلك، خصوصًا وأنّ  تفاهمًا أميركيًا روسيًا - إسرائيليًا قد أُنجز قبل أكثر من عام حول ذلك، وبموجبه أُبعدت إيران مسافة 85 كيلومترًا عن الجولان المحتل. من هنا يرى العميد المتقاعد ناجي ملاعب في حديث لـ "لبنان 24" أنّ الأميركيين وجدوا الوقت مناسبًا لاستثمار تلك الصور والفيديوهات التي حملها "قيصر"، وهو اسم مستعار لمصوّر سوري سابق كان يعمل في مركز التوثيق للشرطة العسكرية، والذي تمكّن من توثيق مجازر النظام السوري بحق 11 ألف سجين تم تعذيبهم حتّى الموت. 
وبرأيه "الإهداف الأميركية متشعبة، إيران مستهدفة بطبيعة الحال، وما يسهّل مهمّة "قيصر" في الشق المتعلق بإيران، أنّ الروسي يوافق الإسرائيلي على ذلك، وهذا ما كشفه جون بولتون بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعهّد بإخراج الإيرانيين من سوريا. ويجب أن نعود الى الإجتماع الأمني الروسي - الاميركي والإسرائيلي العام الماضي، الذي حصل في القدس المحتلة بشكل علني، بحيث وضعوا اسسًا لكيفة تعاملهم في سوريا، وتُرجم بالسماح للطيران الإسرائيلي بالتوغل في العمق السوري، وضرب أهداف إيرانية في دير الزور وحلب".
يضيف ملاعب، الحل السوري يتمحور حول التقسيم والفدرلة، وبدأت ملامحه تتمظهر "بالتزامن مع قيصر طرحت الخارجية التركية المنطقة الآمنة في أدلب، وتهدف تركيا إلى تتريك إدلب، مستغلّةً تراجع الدور الروسي وضعف الدور الإيراني وانهيار العملة السورية. وبدأنا نشهد ترجمة الهدف التركي من خلال تعامل تلك المنطقة بالليرة التركية وبدأ تدريس اللغة التركية. ونشهد أيضًا توافقًا تركيًا - روسيًا في سوريا، وكأنّ هناك نعيًا لاتفاقية سوتشي، وصوغ إتفاقية جديدة روسية - تركية من دون ايران". 
وفق مقاربة ملاعب تعمل الولايات المتحدة من خلال "قيصر" على تحسين موقعها في التفاوض على مسارات التسوية السورية، ولكنها ليست على عجلة من أمرها حتّى في التفاوض، خصوصًا وأنّ لديها مكاسبها وأوراقها هناك، وهي المسيطرة على السلّتين الزراعية والنفطية  في دير الزور وشمال شرق سوريا في نهر الفرات، وتمنح الأتراك دورًا هناك. 
في الشق المتعلق بالنظام السوري، لم يشأ الأميركي يومًا صبّ جهوده العسكرية والمالية لإسقاط الأسد، وأعلن ذلك صراحة من خلال العبارة الشهيرة لوزيرة الخارجية السابقة كوندوليزا رايس "نريد تغيير سلوك النظام السوري". في هذا السياق يعتبر ملاعب أنّ الأميركي يرى أنّ النظام السوري يدين نفسه، ولن يكون بمقدوره الإستمرار، فبعدما هجّر 8 ملايين سنّي خارج سوريا و3 ملايين إلى إدلب، لن يكون قادرًا على  تجديد صيغته العلوية وحكم سوريا. وبالتالي عين الإدارة الأميركية على ما هو أبعد من الأسد، على التسوية السورية ونفوذ الولايات المتحدة في تلك البقعة، وهذا الضغط المالي والإقتصادي على سوريا ولبنان يخدم المفهوم الأميركي للتسوية. من هنا يهدف "قيصر" إلى التمهيد للحل السياسي، والضغوط ستنشط حتى موعد الاستحقاق الرئاسي السوري. 
يضيف ملاعب "استذكر هنا ما قاله على مسمعي الموفد الأميركي فريدريك هوف عندما زار لبنان مكلّفًا بملف الشرق الأوسط وترسيم الحدود، ومفاده أنّهم حين أنجزوا جنيف1، واتفقوا على انتقال كامل السلطة إلى حكومة كاملة الصلاحيات تمهيدًا لحلٍّ سياسي، ما إن غادروا حتّى عقد وزير الخارجية الروسي مؤتمرًا، قائلا فيه إنّ أحدا من المؤتمرين لم يأتِ على ذكر الأسد وأنّ الأخير باقٍ. الرئيس أوباما في حينه عاتب الوفد الأميركي، ليجيبه الوفد وهوف من ضمنه، تفاجأنا بما سمعنا من الروسي الذي أعلن ما أعلنه ونحن في طريق العودة. وبالفعل  تعاطى الأميركي مع الأسد على أنّه عاجلًا أم آجلًا سيكون خارج المشهد السوري، ولن ينفقوا دولارًا واحدًا لتعجيل خروجه، وإذا أراد الروسي الدفاع عن بقائه فلينفق هو لتحقيق هدفه. ومنذ ذاك الحين لم يؤيّد الأميركيون المعارضة السورية، واستمروا فترة ثلاثة أشهر، وهم يدرسون إمكان تقديم منظار ليلي للمعارضة، وما إذا كان هذا المنظار سلاحا للدفاع أم لهجوم. هذه الوقائع تختصر السياسة الأميركية التي نُفّذت في سوريا، واستمروا على هذا المنال لحين تجهيز داعش والحشد الشعبي بالتعاون مع سليماني". 
ماذا عن لبنان؟ وكيف سيحتمل تداعيات "قيصر" في زمن الإنهيار المالي خصوصًا وأنّ سوريا تشكّل نافذته البريّة الوحيدة ؟ 
بمقدور لبنان أن يعمل على استثناءات شبيهة بتلك التي منحتها الولايات المتحدة للحكومة العراقية بالشق المتعلق بالعقوبات على إيران، وفق مقاربة ملاعب، بحيث يمكن للحكومة أن تطلب من الإدارة الأميركية أن تستثني من مفاعيل "قيصر" استجرار الكهرباء من سوريا إلى لبنان، وخط الترانزيت المتعلّق بصادرات لبنان عبر سوريا وليس إليها، والأميركي سيقبل ذلك إذا تمكنت الحكومة اللبنانية من تقديم آلية.
في زمن "قيصر" تلتفت الدول إلى تكريس نفوذها ومصالحها في تلك البقع الجغرافية العربية، أمّا مصالح الشعوب فلن يقف أحد ليلتفت إليها في خضمّ لعبة الأمم، فهل تتركون المحاور والأقاليم، وتلتفتون إلى شعب لبنان أيّها المتاجرون بعيشنا ومستقبلنا على أرصفة الأقاليم؟  
 
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك