في الاسابيع الفائتة كان لافتاً الدور الذي لعبه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في الكثير من خطبه، اذ بدا وكأنه يوجه انتقادات ما بين السطور الى عهد رئيس الجمهورية ميشال عون وحليفه "حزب الله"، حيث دعا مرة الى الحياد ومرات الى الحفاظ على وجه لبنان الحقيقي. فما الذي يحصل في بكركي؟
ترى مصادر مطلعة ان بكركي تبدي امتعاضاً من طريقة تعاطي "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" في الفترة الماضية مع قضية إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وإظهار الراعي على انه مدافع عن سلامة لأهداف شخصية، في حين ان موقف بكركي كان واضحاً في هذا الشأن. غير ان ذلك لا يبدو سبباً مباشراً للصرخات المتتالية التي أطلقها الصرح البطريركي في الملفات السياسية الداخلية، حيث ان لدى بكركي قراءة خاصة للوضع المأزوم في لبنان، اذ ترى ان المسيحيين سيكونون اكبر المتضررين من واقع الانهيار الاقتصادي الحاصل، وان الخطورة التي يواجهونها ليست مرتبطة بمسألة العوز والفقر وتراجع القدرة الشرائية وحسب، بل لأن تدهور الوضع الاقتصادي يشكل لهم تهديدا وجودياً، اذ ان نسبة الهجرة المتوقعة من المسيحيين ستفوق سائر الطوائف الاخرى، ومن هنا بدأت بتسجيل مواقف سياسية جريئة في محاولة لضبط الوضع ووضع حد للأزمة.
وبحسب المصادر، فإن بكركي ترى ان الحل السياسي هو الطريق الوحيد والاسرع لحل الازمة الاقتصادية في لبنان، حيث ان المجتمع اللبناني عموما يتعرض لضغوط جراء الاشتباك الحاصل ما بين الولايات المتحدة الاميركية وإيران والذي ينعكس سلباً من خلال "حزب الله" على لبنان، وبمعنى آخر ان اللبنانيين يتحملون اليوم تبعات معارك الحزب الخارجية، وعليه فإن من واجب الاخير الاقدام على تقديم تنازلات من اجل خلاص اللبنانيين وعدم جرّهم الى الهاوية.
وتعتقد المصادر ان رفع الصوت من قِبل بكركي في مسألة تحييد لبنان هو نتيجة لاقتناعها بأن عدم تدخل "حزب الله" في الازمات الاقليمية سيكون احد ابواب الحل لاستجرار الرضى الغربي عن لبنان ودفعه الى مساعدته وانتشاله من هوّة الانهيار. بالاضافة الى ذلك فإن رفض بكركي لفكرة التوجه نحو الشرق مرتبطة بعدة اسباب اهمها الضغط على "حزب الله" وتقليص هامش المناورة لديه ودفعه نحو حل الازمة السياسية ما من شأنه ان يؤدي الى الحد من تصاعد الازمة الاقتصادية في أسرع وقت ممكن.