كتبت يحيى دبوق في صحيفة "الأخبار" تحت عنوان "إسرائيل تنتظر الرد: جيش الاحتلال ينكفئ عن الحدود": "يواصل الجيش الإسرائيلي "استنفاره الانكفائي" في شمال فلسطين المحتلة، منتظراً رد حزب الله الذي بات محتوماً، بحسب التقديرات الاسرائيلية، مع الأمل بأن لا يكون "منفلتا" وإن طالت فترة الانتظار. في الموازاة، تعمل إسرائيل على تخفيف تبعات صورة التراجع إلى الخلف، ولا تطلق تهديدات "رنانة" تقلق المستوطنين وتسقط صورتها الردعية في "ساعة الاختبار" بعد تنفيذ الرد.
في المقلب اللبناني، لا فائدة تضاف إنْ جرى التأكيد أنّ تبعات الرد - مهما عمل العدو على تعظيمها - تبقى أقل بكثير من تبعات امتناع حزب الله عن الرد. وهي حقيقة قائمة لا لبس فيها وغير قابلة للنقض، وأي بحث في إمكان الرد من عدمه، غير ذي صلة ومنفصل عن الواقع.
في جانب آخر، يشار إلى سياقات قد تكون هذه المرة مختلفة نسبياً عن مرات سبقت ردّ حزب الله على اعتداءات إسرائيلية أريد لها تغيير المعادلات (أو كان من شأن الـ"لا رد" عليها تغيير المعادلات)، علماً بأن الاستعدادات من ناحية العدو لتلقّي الرد واضحة وعلنية، وتترجم ميدانياً على أكثر من صعيد، كما ورد على لسان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي خلال جولته شمالاً على الوحدات العسكرية، بضرورة استعداد الجيش لرد محتمل من حزب الله ومطالبة قيادة المنطقة الشمالية بتقليص تحرك القوات على الحدود كي لا تتحول إلى أهداف لحزب الله.
بالطبع، تصدر عن إسرائيل تهديدات باتت تُعد تقليدية في حالات مماثلة. وهذه التهديدات يراهن العدو عليها - نظرياً في حد أدنى - لتقليص حافزية الطرف المقابل للعمل ضده. وفي حساب النتيجة النهائية للرد والرد على الرد، وما يمكن أن يعقبهما، تبقى تهديدات إسرائيل المتفلتة في مرحلة انتظار الرد، جزءاً لا يتجزأ من النتيجة النهائية، وتؤسّس سلباً للمستقبل، خاصة إن لم تقرن أقوالها بأفعال.
على هذه الخلفية جاءت التهديدات بالرد على الرد عامة جداً، من دون تفصيلات، ولا تشمل تهديدات متطرفة تختار كلماتها بعناية في محاولة للتأثير في وعي الطرف الآخر، على شاكلة إرجاع لبنان عشرين وثلاثين وخمسين عاماً إلى الوراء، وصولاً إلى إرجاعه إلى "العصر الحجري".
في ذلك أيضاً، تأتي رسائل إسرائيل إلى حزب الله، عبر وسطاء، بأنها لم تكن تعلم أن الشهيد علي محسن كان موجوداً في الموقع الذي استهدفته في سوريا الأسبوع الماضي. هذه الرسالة التي نشرت قناة "الميادين" أبرز ما جاء فيها، تلقّاها الجمهور اللبناني والمستوطنون أيضاً على أنها رسالة تراجع إسرائيلي أمام حزب الله (وهي كذلك)، ومحاولة من تحت الطاولة للتأثير في مستوى ردّه عبر تأكيد انتفاء القصد الإسرائيلي المسبق لاغتيال محسن، علماً بأن مضمون الرسالة، وإنْ جاء مصحوباً بتهديدات، هو في حدّ ذاته ثمن قد يفوق في كثير من جوانبه الرد المادي نفسه، خاصة أنه يأتي في مرحلة انتظار الرد الذي تدرك إسرائيل حتميّته.
واحد من التعليقات اللافتة إزاء رسالة التراجع ورد في صحيفة "ميكور ريشون"، التي قالت إنها لا تتساوق مع مواقف قالها رئيس أركان الجيش الاسرائيلي أفيف كوخافي، في الغرف المغلقة في الماضي القريب، أي قبل سقوط الشهيد محسن: "أيّ ضرر يلحق بشعرة واحدة من رأس جندي أو مدني إسرائيلي، فسيكون الرد عليه بلا قيود وساحقاً". وبحسب مراسل الصحيفة للشؤون العسكرية، "كوخافي غير معني بسياسة الاعتذار التي انتهجها الذين سبقوه في المنصب". لقراءة المقال كاملاً
إضغط هنا.