Advertisement

لبنان

فرنسا تتبنى سياسة ميقاتي..النأي بالنفس الملاذ الاخير

هتاف دهام - Hitaf Daham

|
Lebanon 24
08-08-2020 | 09:06
A-
A+
Doc-P-733211-637325004813466201.jpg
Doc-P-733211-637325004813466201.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
تحت عنوان "فرنسا تتبنى سياسة ميقاتي..النأي بالنفس الملاذ الاخير"، كتبت هتاف دهام:
 
يقف اللبنانيون جميعهم اليوم على "اجر ونص" يترقبون المشهد الكارثي الذي خلفه انفجار العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت من شهداء وجرحى وخراب في المنازل والمستشفيات واهراءات المرفأ الحيوي، فضلاً عن الازمات الاقتصادية والصحية التي يعيشونها، في وقت لا تزال الطبقة الحاكمة تجهد للبقاء رغم ما خلفه اداؤها وسياساتها من دمار مادي ومعنوي بحق اللبنانيين، فهي تواصل الاستثمار في الوقت الضائع لاخذ التحقيق المتصل بانفجار المرفأ الى مكان آخر رغم علمها ان هامش مناورتها ينحسر بفعل مواقف رؤساء الدول الاوروبية والعربية وحكوماتها التي لن تتعاون مع هذا النموذج من الحكام او المسؤولين الذي استنزف البلد من دون ان يخفي ذلك، خاصة وان هذه السلطة سمعت من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون كلاما قاسيا مفاده ان اموال المساعدات لن تذهب الى الايدي الفاسدة واشارته الى وجوب إجراء تحقيق دولي مفتوح وشفاف للحيلولة دون إخفاء الامور أولاً ولمنع التشكيك، في اشارة الى المام ماكرون بأدق التفاصيل اللبنانية المتصلة بالتسويات والمحاصصات السياسية التي تقف عائقا امام الوصول الى الحقيقة التي لا يمكن ان تبصر النور في غياب قضاء مستقل. 
Advertisement

أغلب الظن ان ماكرون الذي اكد ضرورة إعادة بناء نظام سياسي جديد في لبنان وضرورة إدخال الجميع في آلية حل الأزمة، تقصد اطلاق هذه المواقف لتحميل الجميع مسؤولياته دون استثناء، خاصة وان حكومة اللون الواحد زادت الطين بلة على كافة المستويات السياسية منها والاقتصادية وعلى مستوى العلاقات مع الدول الخارجية. 

ومن هذا المنطلق، بدا لافتاً دعم الرئيس الفرنسي سياسة النأي بالنفس، فانتقى عن قصد هذا المصطلح، وتجنب لفظ الحياد، وهذا ما كان محط متابعة دقيقة من قيادة "حزب الله" التي وصفت مواقف ماكرون بالايجابية التي يجب ان تلاقى بالمثل، خصوصا وان وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان الذي زار الصرح البطريركي خلال جولته اللبنانية، دعا الى المحافظة على مبدأ النأي بالبلد عن أزمات المنطقة؛ والمعروف ان "حزب الله" رغم التزامه الصمت حيال مواقف البطريرك الماروني بشارة الراعي لم يبد ارتياحا لتوقيت نداء بكركي . 

لكن اين يكمن الفرق بين الحياد والنأي بالنفس؟ 

يوضح الخبير الدستوري والأستاذ الجامعي الدكتور عادل يمين لـ"لبنان24"  بأنَّهُ بحسب مبادئ القانون الدولي العام، فإنَّ هناك نوعين من الحياد، الأول دائم يتمّ بموجب معاهدة تَضمَنُ بموجبها الدولُ الأخرى حياد الدولة المعنيّة، والثاني موقت، تقرّرُه دولةٌ معيَّنةٌ تجاه حرب واقعة بحيث تعلنُ عدم اشتراكها في الحرب وتحافظ على على علاقاتها السلمية مع الأطراف المتحاربة، علماً بأنَّ الدولَ المحايدة تتمتّع بالحقوق وتلتزم بالموجبات ذاتها في حالتي الحياد الموقت والدائم. 

أما واجبات الدولة المحايدة، بحسب يمين،  فهي على نوعين، الأول المنع ويشمل منع الدول المتحاربة من القيام بأيّ عملية حربية في إقليم الدولة المحايدة أو مياهها أو أجوائها الإقليمية ومن اتخاذ مرافئ الدولة المحايدة أو مياهها الإقليمية مرسىً لسفن الدول المتحاربة أو مراكز لتموينها بالأسلحة والذخائر ومنع الدول المتحاربة من تجنيد قوات لها في إقليم الدولة المحايدة وفتح مكاتب لها، وكذلك منع مرور القوات المتحاربة وقوافل المؤن والذخائر في إقليم الدولة المحايدة، والثاني، الامتناع ويشمل امتناع الدولة المحايدة عن الاشتراك في أعمال الحرب والقتال إلى جانب أحد الأطراف المتحاربة، وامتناع الدولة المحايدة عن إمداد الأطراف المتحاربة بالأسلحة وبالمساعدات المالية وعن نقل الأخبار والمعلومات الحربية لصالح أحد هذه الأطراف.أما حقوق الدولة المحايدة فتشمل احترام الدول المتحاربة إقليم الدولة المحايدة وسيادتها واحترام رعاياها وصون أموالهم في حال كانوا متواجدين في إقليم الدول المتحاربة أو في الأقاليم التي تحتلّها هذا الدول. 

وبخصوص إمكانية اتخاذ لبنان خيار الحياد، فيعتبر يمين أنَّ هذا الخيار  لا يمكن أن يكون شاملاً ، وهو ما يؤكده أصلاً أصحاب الشعار أيضاً، وذلك في ظلّ الصراع العربي – الإسرائيلي واستمرار العدو الإسرائيلي باحتلال أجزاء من الأراضي اللبنانية واعتداءاته ومخاطره المتواصلة تجاه لبنان والوجود الكثيف للاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين في لبنان، علماً بأنَّ الأمور معقّدة ومتداخلة في المنطقة. 

أما النأي بالنفس،  فهو كما يقول يمين، مصطلح ظهر على الساحة اللبنانية في البيان الوزاري لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي العام 2011 وشكَّلَ محاولة للتعبير عن أنَّ الحكومة اللبنانية لا تتدخل في الحرب داخل سوريا ولا في المنازعات بين الدول العربية. وعليه يشدد يمين في النهاية يجب التأكيد على عدم تدخل لبنان في الشؤون الداخلية للدول العربية ولا في الاصطفاف مع دولة عربية ضدَّ أخرى.  
وسط ما تقدم هل آن الاوان لتطبيق الناي بالنفس فعلا لا قولا وتجنيب لبنان المزيد من الانهيار والمقاطعة العربية والاوروبية له؟ 

لا ريب ان حكومة الرئيس نجيب ميقاتي هي التي اعتمدت مفهوم النأي بالنفس بإجماع أعضائها، بمن فيهم "حزب الله"، لكن هذه الصيغة لم تدخل حيز التنفيذ عملياً في المرحلة السابقة لارتباط القوى السياسية على خطي 8 و14 اذار بالمحاور الاقليمية التي شهدت ساحاتها مواجها ساخنة، حكومة ميقاتي طبقت في بداية ولايتها النأي بالنفس،  لكن التدخلات في مرحلة لاحقة  من كل حدب وصوب بالازمة السورية استدعى من ميقاتي الاستقالة لأنه ادرك حينها انه لن يكون قادرا  عن الاستمرار  في هذه السياسة ومنذ ذلك الحين، غيب المعنيون الذين تعاقبوا هذا النهج. وهنا لا بد من الاشارة ايضا الى موقف روسيا الذي دعم يومذاك الموقف اللبناني الداعي للنأي بالنفس عن ازمات المنطقة وصرعاتها. 

اليوم، يمثل شغل الفرنسيين الشاغل تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليميّة والدوليّة، فقد حدد ماكرون قواعد الحل للبنان، فشدد في لقاءاته مع القيادات اللبنانية وفي تصريحاته على سياسة الناي بالنفس لتجنيب البلد  المزيد من الازمات  فضلا  عن تداعيات المخاطر المحيطة به والضغوطات الخارجية، لا سيما وان لبنان اليوم  يجثو بين مطرقة الضغط الاميركي على وجه التحديد، وسندان الفساد السياسي . 

لبنان امام ازمة مفتوحة، وعدم تطبيق القوى السياسية  للنأي بالنفس الذي اقر في حكومة الرئيس ميقاتي ويحظى بدعم اوروبي كبير، سيعرض لبنان الى المزيد من الحصار، خاصة وان كل المساعدات التي تأتي اليوم الى لبنان هي مساعدات انسانية محض، فالكلام عن ان الانفجار في مرفأ بيروت قد ساهم في فك الحصار الدولي  عن الحكومة فيه الكثير من المبالغة لأن مواقف ماكرون ونظرائه الاوروبيين من ربط دعم لبنان بتنفيذ الاصلاحات ومحاربة الفساد، لا تحمل اي التباس. 

وسط ما تقدم، ترى مصادر متابعة لـ"لبنان24"  ان النأي بالنفس عن مشاكل المنطقة قد يكون الملاذ الاخير للبنان لتجنيبه المزيد من المشاكل، خاصة وانه لا يعني على الاطلاق الناي بالنفس عن مصالح لبنان وسيادته انما العمل على حمايتها والمحافظة عليها، هذا فضلا عن انه يدفع الى تخفيف التوتر مع الدول الخليجية والغربية والانفتاح شرقا وغربا وفق مصلحة لبنان العليا، الامر الذي يفرض من جديد العمل على خلق توافق محلي اقليمي ينتج عنه قرار بعدم تدخل المكونات الاساسية بشؤون الدول العربية والتزام المواثيق الدولية، ففشل القوى السياسية في النأي بالنفس، سببه ان هذا شعار لم يطبق بعد الامعان الكبير من 8 و14  اذار في جعل لبنان ممرا ومقرا لعدم الاستقرار.
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك