Advertisement

لبنان

ماذا قصد الراعي في تحذيره للحريري؟

اندريه قصاص Andre Kassas

|
Lebanon 24
26-10-2020 | 04:00
A-
A+
Doc-P-759998-637393027759673688.jpg
Doc-P-759998-637393027759673688.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
ضمّن البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي عظة الأحد هذا الاسبوع موقفًا متقدّمًا نصح به الرئيس المكّلف سعد الحريري، حيث قال له: "لا تضع وراء ظهرك المسيحيين، تذكر ما كان يردد المغفور له والدك: البلد لا يمشي من دون المسيحيين". وحذّره من الإتفاقيات الثنائية السرية والوعود، "فإنها تحمل في طياتها بذور خلافات ونزاعات على حساب نجاح الحكومة".  
Advertisement

فمن يتابع مواقف الراعي منذ إنفجار المرفأ لا يستغرب هذا الكلام الجديد، حيث يكثر الحديث عن حلف رباعي جديد يستبعد المسيحيين من أي معادلة داخلية، الأمر الذي قد يدفع إلى تحالفات ثنائية وثلاثية ورباعية، تمامًا كالتسوية الرئاسية، التي كانت ثنائية وأنتهت بالفشل لأنها كانت خارج إطار السياق العام وخارج المنطق وخارج الأصول والتوازنات التي يقوم عليها لبنان، أيًّا كانت الإعتبارات والمعطيات الموضعية، التي لا يمكن أن تسمح بإلغاء الآخرين، وهو مبدأ خبره اللبنانيون منذ القديم، وقد أثبتت التجارب عدم جدواه، لأن لا أحد يستطيع أن يحكم لوحده، أيًّا كانت قوته، وهي قوّة نسبية، بإعتبار أن لا شي يفوق قيمة وحدة اللبنانيين وتشاركهم في القرار السيادي.   

هذا الأمر يقود إلى إستنتاجات بديهية، وهي أن أي تحالف، أيًّا كان شكله وظروفه وأسبابه وملابساته، لن يُكتب له النجاح، وسيكون الفشل حليفه في النهاية، ومن بين هذه الإستنتاجات ما يدعو إلى التيقظ مما يُكتب في الخفاء وفي الكواليس ووراء الأبواب الموصدة، وهي تقوم عادة على المصالح الفردية وعلى الأنانيات والفردية والتفرّد بالحكم من دون الأخذ في الإعتبار ما تتطلبه المصلحة الوطنية، التي تبقى فوق أي مصلحة خاصة.  

أن يأتي هذا الكلام من أعلى مرجعية مسيحية فله دلالاته ومعانيه وأهدافه، خصوصًا أنه يأتي بعدما إمتنعت أكبر كتلتين مسيحيتين عن تسمية الحريري، ولكل من هاتين الكتلتين أسبابها الخاصة. فكتلة "لبنان القوي" لم تسمِّ أحدًا لأنها تفضّل أن يشكّل إختصاصي حكومة الإختصاصيين. أما كتلة "الجمهورية القوية" فلأنها لا تريد المشاركة في منظومة الحكم، التي اثبتت، في نظرها، أنها فاشلة، وهي التي أسهمت في إيصال البلد إلى ما وصل إليه من تقهقر وتراجع دراماتيكي على كل المستويات، وبالأخص المستويين الإقتصادي والمالي.  

لم يكتفّ الراعي في عظته بهذا الجانب فقط بل دعا الرئيس الحريري إلى تخطّي   

شروط الفئات السياسية وشروطهم المضادة، وحضّه على تجنب مستنقع المصالح والمحاصصة وشهية السياسيين والطائفيين، "فيما الشعب منهم براء". وطالبه من أجل بلوغ هذا الهدف بإلتزام فقط بنود الدستور والميثاق، ومستلزمات الإنقاذ، وقاعدة التوازن في المداورة الشاملة وفي إختيار أصحاب الكفاية والأهلية والولاء للوطن، حيث تقترن المعرفة بالخبرة، والإختصاص بالإستقلالية السياسية.  

وهذا يعني بـ"العربي المشبرح" ألا يدخل الحريري في محاصصة مهما كان نوعها كالتسليم مسبقًا بمبدأ تكريس حقيبة لفئة معينة دون سائر الفئات، لأن هذا الأمر سيفتح عليه أبوابًا لم تُغلق في الأساس، بحيث تصبح مطالبة الطوائف بالحقائب التي تعتبرها "حقًّا مكتسبًا" لها أمرًا واقعًا، فيكون البلد قد أعيد سنة إلى الوراء، حيث إضطرّ الرئيس الحريري إلى تقديم إستقالة حكومته بفعل الضغوطات الشعبية، التي لم تتغير ولن تتغير ما لم يتغيّر الأسلوب والمنهج السياسي في التعاطي مع الأزمات.  

 
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك