كتب غسان ريفي في "سفير الشمال": حتى الآن، لا شيء يوحي بأن ثمة جدية في التعاطي مع مبادرة تشكيل حكومة من 24 وزيرا وفق صيغة (3 ثمانات من دون إعطاء الثلث المعطل لأي تيار سياسي بمفرده).
فبالرغم من كل الضجيج الذي أثير حول المبادرة في المقرات الرئاسية وفي وسائل الاعلام، ما يزال رئيس الجمهورية ميشال عون يتجاهلها وينفي علمه بها، ويطلب أن يقوم الرئيس المكلف سعد الحريري بعرضها عليه ومناقشتها معه، كما يشترط موافقة جبران باسيل الذي ما يزال متحصنا بالصمت.
في المقابل، يبدي الحريري عدم إهتمام بالمبادرة بدليل سفره المفاجئ الى الامارات العربية المتحدة لقضاء إجازة عيد الفصح مع عائلته، وتأكيده بالتالي أنه ما يزال على موقفه حيال حكومة الـ18 وزيرا، لكن في حال رضي عون بحكومة من 24 وزيرا من دون ثلث معطل فإن هاتفه سيكون مفتوحا للاتصال به ودعوته الى قصر بعبدا لتقديم تشكيلته الجديدة والتفاهم عليها مع رئيس الجمهورية.
وبين إنتظار عون عرض المبادرة الحكومية عليه، وإنتظار الحريري إتصال قصر بعبدا فيه، فإن الأمور تزادا تعقيدا والبلاد تتجه نحو مزيد من الأزمات المتشعبة بين ما هو أمني ومالي وإقتصادي وإجتماعي وإنساني، خصوصا أن حكومة الـ24 تختزن الكثير من الألغام التي قد تنفجر في أي لحظة، كما أن فيها من التفاصيل والتعقيدات ما يفتح الأبواب على مصراعيها للشياطين للدخول إليها والاطاحة بها.
تشير مصادر سياسية مواكبة الى أن عون قد يرضى بحكومة من 24 وزيرا، لكنه وتحت شعار الميثاقية ووحدة المعايير التي ينادي بها باسيل، سيسعى الى الحصول مجددا على ثمانية وزراء مسيحيين من ضمنهم الطاشناق، بما يمنحه الثلث المعطل مع إضافة الوزير الدرزي المحسوب على طلال أرسلان الى حصته التي ستصبح 9 وزراء.
وتضيف المصادر: هذا الأمر من شأنه أن يعيد الأمور الى المربع الأول، لذلك فإن نجاح المبادرة الحكومية يتطلب من رعاتها طرحها مكتملة وبالتفصيل مع الأرقام وأن تكون مكتوبة ويوافق عليها المعنيون ليصار الى طرحها رسميا من الرئيس المكلف، خصوصا أن التجارب السابقة التي شهدتها لقاءات الرئيسين عون والحريري لم تكن مشجعة، حيث كان طرح الثلث المعطل يخرج من الباب ليعود من الشباك والعكس صحيح.
لا يختلف إثنان على أن قوة جبران باسيل اليوم مستمدة من وجود عمه ميشال عون في رئاسة الجمهورية، وأن غياب هذه القوة مع إنتهاء الولاية الرئاسية، سيُضعف باسيل لدرجة عدم قدرته على قيادة التيار الوطني الحر المنقسم على نفسه، كما يعلم باسيل أن سلوكه السياسي الاستفزازي قد وضع كل الأطراف السياسية الأساسية في مواجهته من المستقبل الى المردة وأمل والتقدمي والقوات، حتى أن حليفه حزب الله ينظر إليه بـ”عين حمراء”، لذلك فإن السبيل الوحيد لبقائه في المعادلة السياسية ولكي تستمر سائر الأطراف في التحدث معه هو حصوله على الثلث المعطل الذي يتحكم من خلاله بقرارات الحكومة.
أمام هذا الواقع، وفي ظل التخبط الذي تشهده مبادرة الـ24 والغموض الذي يعتريها ويلف مواقف المعنيين منها، فإن كثيرا من المتابعين يتوقعون بأن تكون عبارة عن طبخة بحص لا تسمن ولا تغني من تأليف!.