تتخذ المعركة الحكومية الحالية، عن قصد او عن غير قصد، طابعا عميقاً يطال صلب النظام السياسي اللبناني، خصوصا وان استمرار التعطيل يطرح اسئلة عن صلاحية هذا النظام وامكانية انتظامه، والوصول الى تسوية ترضي هذا الطرف او ذاك وتفتح شهية المحللين عن" المنتصر والمهزوم".
من الصعب في مثل الوضع الحالي للكباش الحكومي الوصول الى صيغة "لا غالب ولا مغلوب"، لان الفريقين المتناحرين يطرحان شروطا لا يمكن التنازل عنها بشكل نهائي الا بهزيمة سياسية.
وبحسب مصادر مطلعة فإن الدخول في عمق المطالب السياسية لكل من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري يوحي بأن هناك خلفيات جدية تقف وراء اصرار كل منهما على كسر الآخر سياسيا.
وتشير المصادر الى ان سعي رئيس الجمهورية ميشال عون الواضح والعلني الى المشاركة الكاملة في تشكيل الحكومة، وفي تسمية الوزراء او الموافقة على اسماء الوزراء من غير حصته، وكذلك سعيه للحصول على حصة وازنة تضمن له قدرة التعطيل ليصبح متساوياً مع رئيس الحكومة فيها، تعني ان عون يسعى الى ضرب" اتفاق الطائف".
وتقول المصادر ان الحديث هنا لا يشمل الاتهام السياسي، لان من حق اي طرف ان يسعى الى الوصول الى تعديلات في النظام السياسي، وهذا ما يفعله عون، من خلال تفريغ صلاحية رئاسة الحكومة واعادة تعويم الرئاسة الاولى بالعرف، ان لم يكن دستوريا..
في المقابل، يبدو ان الرئيس سعد الحريري يعمل بدوره على استغلال اللحظة السياسية الحالية من اجل إلغاء مفاعيل احداث ٧ ايار سياسياً، اذ ان تلك الاحداث التي ادت الى كسر موازين القوى اوصلت الى "اتفاق الدوحة" الذي فرض حكومات ائتلافية وجعل من رئيس الحكومة مضطرا ان يحظى بموافقة جميع الاطراف لكي يشكل حكومته.
وتعتبر المصادر ان الحريري حالياً، عن قصد او عن غير قصد، يعمل على اعادة الاعتبار لرئاسة الحكومة واعطائها صلاحياتها الدستورية الكاملة بعيدا عن التوازنات اللبنانية . كما يسعى الى تشكيل حكومة بمعزل عن تعقيدات ومطالب القوى السياسية فيها.
وترى المصادر ان الحريري قد يكون في موقع يستغل فيه انشغال "حزب الله" عن الساحة السياسية اللبنانية او ضعف قدرته لاسباب كثيرة، لكي يلغي نتائج ما حصل عام 2008 ...