Advertisement

لبنان

في قلب الانهيار...هل تصمد الجامعة اللبنانية؟

جو لحود-Joe Lahoud

|
Lebanon 24
15-04-2021 | 08:30
A-
A+
Doc-P-813189-637540932809044989.jpg
Doc-P-813189-637540932809044989.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger

يبرز مؤخرا الحديث عن الثقة المفقودة ما بين الشعب اللبناني والطبقة السياسية  ومختلف قطاعات الانتاج على تعددها وتنوعها، لكن وبالحديث عن الثقة لا يمكن القول ان فقدانها مستجد او حديث، لاسيما في النفق الذي يربط المواطن بدولته بشكل عام، بغض النظر عن تبدّل  توازنات حكوماتها غير المنتجة على مدار سنوات طوال، ما ادى الى توالي الازمات حتى وصلنا الى ما يشبه الانهيار التام.

وفي الطريق الى الانهيار اشارات كثيرة، اهمها متصل بالثقة واخواتها، اذ وبالنظر الى القطاع العام، لا يمكن معالجة معضلته من باب الهدر والفساد وحسب، انما لا بد من النظر اليه من زاوية فقدان الثقة التامة، وهنا الامثلة كثيرة تبدأ بالمستشفيات الحكومية ولا تنتهي عند ابواب المدارس الرسمية، لكن ولحسن حظ اللبنانيين، ترفع الجامعة اللبنانية شراعها عكس تيار اللاثقة، لتشكل محط تقدير واحترام عند كل اللبنانيين نظرا لسمعتها وادائها العلمي، مع العلم انها خاضت ومازالت تخوض معارك متنقلة ومختلفة مع الراغبين بتحويلها الى صندوق محاصصة شأنها شأن معظم القطاعات التي توّغلت فيها الطائفية والفساد واللاكفاءة.

فكيف تبدو الجامعة الوطنية اليوم، في ظل الازمات الشرسة التي تعصف بالبلاد، وهل ستتمكن من مواصلة مقاومتها وازدهارها في ظل الصعوبات المادية والسياسية والصحية؟

التعلّم عن بعد تجربة غنية... ولكن

 

Advertisement
في هذا المجال يتحدث لـ"لبنان 24"، عميد كلية الاعلام  الدكتور جورج صدقة الذي يؤكد "انه بعد مشارفة العام الدراسي الحالي على الانتهاء، لابد من التأكيد ان الجامعة اللبنانية، اجتازت امتحان التعلم عن بعد بنجاح قد يصل الى التفوق في مرات عدة، وهذا طبعا لا ينفي اعتبارنا ان التعليم الحضوري هو الاهم، اذ انه يؤمن التفاعل التام في الحصة الدراسية ما بين الطالب والاستاذ، كما انه  يمكّن الاستاذ من تنويع ادواته التعلمية".

وعن الهيئة التعليمية ومواكبتها للتعلم عن بعد يقول صدقة  "من الطبيعي ان خوض التجربة لم يكن سهلا ولا سريعا على اغلبية اساتذة الجامعة، لكننا استطعنا التغلب على كل الصعوبات، ومواكبة التقنيات الحديثة، مما مكن الاكثرية الساحقة من اساتذة الجامعة، من الدخول بنجاح وثبات في اساليب التعلم المتبع،

وهنا لا بد من الاشارة الى دور الجامعة، التي طورّت مباشرة منصتها الخاصة، وقامت بتكثيف التدريبات للاساتذة، الذين يعانون من مشاكل في البنى التحتية للانترنت والكهرباء، شأنهم شأن غالبية اللبنانيين، كما يعانون من تفلّت سعر الدولار، الذي جعل شراء "اللابتوب" او "تابلت"، امرا شبه مستحيل، لاسيما في ظل ثبات المعاشات على سعر الصرف الرسمي.

أضاف: "وفي ما يخص الطلاب، لا بد من الاشارة دائما الى نوعية طلابنا، الذين في غالبيتهم عصاميين، يعملون مثلنا على تحدي الصعوبات، وهنا نؤكد ان حوالي 20 الى 30 % من طلاب الجامعة، لا يمتلكون المعدات اللازمة لمتابعة التعلم عن بعد، مما دفعنا لتسجيل المحاضرات وتحفيظها، بهدف المحافظة على حقهم في متابعة دراستهم".

ويضيف صدقة "التعلم عن بعد تجربة غنية لكنها لا يمكن ان تكون بديلا للتعلم الحضوري، فاليوم وعلى الرغم من كل مساعينا، يمكن الحديث عن انخفاض بنوعية وجودة التعليم لا يقل عن 20%".


الامتحانات الحضورية  لا غنى عنها

 
وفي ما يخص الجدل القائم حول الامتحانات في الجامعة اللبنانية، التي ستحصل حضوريا عندما تسمح الظروف الصحية، يؤكد صدقة  "انه لا يمكن اجراؤها الا حضوريا، فالامتحانات عن بعد، تتطلب  تعديلا للنصوص القانونية، ومن الناحية الاكاديمية، ليست هناك جهوزية  للاقدام عليها، وهنا تظهر اشكالية الشفافية والنزاهة، كعلامة استفهام تطرح في النظام التعليمي العالمي وليس فقط  في الجامعة اللبنانية. ان اجراء الامتحانات الحضورية  امر لا بد منه للتأكيد على جودة ومصداقية تعليمنا، والتجربة في العام الدراسي السابق مشجعة، اذ كانت الامتحانات آمنة جدا، على الرغم من الحملات التي قادها البعض كحملة (امتحانات الموت) وغيرها".

اما عن موعد الامتحانات الذي لم يتم تحديده حتى الساعة، يؤكد عميد كلية الاعلام  "ان تعيين الامتحانات سيحدد وفقا لمبدأ امكانية اجرائها  في ظل ظروف صحية مؤاتية. فالجامعة، كانت تنتظر وصول اللقاحات ما بين شباط واذار الفائتين، وبالتالي كانت الخطة قائمة على عودة التعليم الحضوري ومعها الامتحانات،

لكن التأخير الذي حصل باستلام لقاحات "استرازنيكا"، اذ ان الدولة المصنعة، اي الهند، تأخرت في التصدير، نظرا لحاجتها الداخلية،عدّل بالخطة ووضعنا امام الواقع الحالي، ومن المتوقع ان تنطلق الاثنين المقبل عملية التلقيح الاختيارية والمجانية في الجامعة اللبنانية، اذ ستصل الدفعة الاولى من "لقاح أسترازنيكا"(6700 لقاح)، وهنا لا يمكن الجزم، اذ ان استلام اللقاحات مرتبط باكثر من جهة والجامعة لا يمكنها التحكم به بشكل ثابت واكيد".

لتحرير الجامعة من القبضة السياسية

 
اما من ناحية الازمة الاقتصادية والمالية التي تعصف بالبلاد ومدى تأثيرها على الجامعة، يرى صدقة " ان الازمة  تكبّل تطور وتقدم الجامعة الى حد كبير،
فالميزانية المرصودة للجامعة، والتي تقوم الحكومات بتقليصها سنة بعد سنة، غير كافية لاجراء اي تطوير او تعديل في المناهج او المختبرات، اذ انها محصورة في مبدأ التشغيل، ليصبح هذا التشغيل بحد ذاته صعبا نظرا لأن ميزانية الجامعة تصرف بالليرة اللبنانية، في حين ان مشترياتها تحدد وفقا لسعر الدولار في السوق الموازية، ما جعلنا نعاني اليوم من ازمة مازوت وورق، في عدد كبير من الكليات.

وامام هذا الواقع لابد لوزارة المالية، ومعها الحكومة مجتمعة، ان تنظر الى حاجات الجامعة قبل تحديد الميزانية، لكن وللأسف لا نثق بنظرة الطبقة السياسية فيما يخص جامعتنا تحديدا، اذ ان هذه الطبقة  ومنذ ما يقارب العشرين سنة، انتزعت صلاحيات كثيرة من الجامعة، متعلقة بالتوظيف والتعاقد، ووضعتها في يد مجلس الوزراء، ما يفسر تماما الرغبة السياسية في التدخل في شؤون الجامعة، لا بل في تحويلها الى مؤسسة تكثر فيها التوظيفات السياسية، اذ ان اصحاب القرار، يرسلون اولادهم للتعلم عبر القطاع الخاص او في الخارج، ما يجعل جودة التعليم الرسمي، خارج فلك اهتماماتهم واولوياتهم. ان اليد السياسية الممتدة على الجامعة اللبنانية، تتعمق وتتوغل يوما بعد يوم، فيكاد لا يخلو مركز او تعيين من التدخل والتجاذب السياسي والطائفي، وهذا ما يعيق عملية تطوير الجامعة، فالمحاصصة والتربية لا يمكن ان يسيرا معا".   


هل يهجر الاساتذة جامعتهم؟

 
وفي مجال استمرارية الجامعة ودورها التعليمي، يرى العميد صدقة، "ان الانتاج المطلوب من الجامعة اللبنانية، اي الجدوى الاقتصادية منها، ما زالت قائمة حتى اليوم. فالهدف الاساسي، الذي من اجله وجدت الجامعة، هو تخريج طلاب يتمتعون بالكفاءة والاهلية العلمية، وهذا ما تثابرعلى تحقيقه جامعتنا حتى اليوم، وبالتالي ما زالت القوة المادية والمعنوية لشهادة الجامعة اللبنانية، قائمة داخليا وخارجيا،

لكن هذا لا ينفي وجود مخاطر حقيقية على ديمومة واستمرارية الجامعة، اذ انها جزء من هذا المجتمع اللبناني الذي ينهار بصورة متتالية. فعلى الرغم من كل تضحيات الاساتذة، ومجهود الطلاب والديناميكية المتوفرة فيها المتمثلة باكثر من 6000 استاذ، بالاضافة الى مناهج رائدة وهيكلية وبعد وطني واضحين، لابد من التأكيد ان الازمة القائمة قد تضيف مشكلة جوهرية على مشاكل الجامعة، وهي تفريغها من الكفاءات والكادرات العلمية، اذ ان الاستاذ صاحب الكفاءة قد يضطر الى التوجه الى التعليم الخاص او الى التعليم خارج لبنان، نظرا لتدهور قيمة مدخوله الشهري والسنوي، كما ان التنوع الحالي في الهيئة التعليمية، الظاهر في شهادات عالمية مرموقة، قد نفتقده في السنوات المقبلة ، نظرا لان الانهيار الحاصل يمنع اللبناني من متابعة دراسته خارج لبنان".

تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك