مَن يتابع الحراك السياسي الحالي في لبنان بعد اعتذار الرئيس سعد الحريري، لا يعتقد ان البلد في ازمة اقتصادية وفي انهيار مالي ونقدي لا مثيل له. حجم البرودة التي يتعامل بها الافرقاء مع اعتذار رئيس حكومة مكلف في ظل حكومة تصريف الاعمال مستقيلة من مهامها، صادم ومثير للغضب.
ينتظر الجميع ان يدعو رئيس الجمهورية ميشال عون خلال ساعات للاستشارات النيابية الملزمة، على ان تؤدي في نهاية المطاف الى اختيار رئيس حكومة وتكليفه تشكيلها، لكن على ما يبدو، واذا صدقت تسريبات القصر الجمهوري، فإن الاستشارات قد لا تتم قبل نضوج اي توافق بين القوى المعنية.
بحسب مصادر مطلعة فان لا اسماء فعلية طرحت خلال فترة ما بعد الاعتذار، لكن يبدو ان الرئيس نبيه بري يميل بشكل واضح للذهاب واختيار شخصية لها وزنها السياسي وتحظى بقبول دولي، كما ان "حزب الله" يتفق معه على ضرورة حصولها على الغطاء السني.
وتشير المصادر الى ان عون غير معني بإسم الرئيس المكلف، بمعنى انه من رضي بخصمه اللدود سعد الحريري رئيسا مكلفا لتسعة اشهر، سيرضى بأي شخصية اخرى، لكنه مهتم بالتشكيل، وفق الشروط التي وضعها مسبقا، وهنا تكمن المشكلة الاساسية والتي قد تعرقل قبول اي شخص بمهمة التأليف.
وترى المصادر انه لا توجد اي شخصية سنية، مهما كبر او صغر حجمها السياسي، قادرة على النزول تحت السقف السياسي والحكومي الذي وضعه الرئيس سعد الحريري، لانه في الاصل ، فان هذا السقف مرتبط بحماية موقع رئاسة مجلس الوزراء وصلاحيات رئيس الحكومة، وهذا يلزم اية شخصية سنية بالتمسك به.
وتعتبر المصادر أن برودة عون نابعة من امرين، الاول انه مرتاح مع الفراغ، والثاني أن تكليف اي شخصية لا يعني تشكيل الحكومة، اذ سيحاول فرض قواعد التشكيل التي وضعها ويرغب بها مجددا، وهذا ما سيؤدي الى استمرار محاولات التشكيل لمرحلة طويلة من دون نتيجة.
وتلفت المصادر الى ان الفراغ هو الاوفر حظا من بين كل السيناريوهات، اذ قد يستمر الى الانتخابات النيابية المقبلة، بالرغم من كل المحاولات وبالرغم من تجدد الحراك الفرنسي تحديدا والذي يضغط من اجل تشكيل الحكومة، لكن الافق لا يبدو مفتوحا على احتمالات التأليف الا بتوافق دولي اقليمي كامل لا يبدو متاحا .