Advertisement

لبنان

الحكومة "معطَّلة" من الداخل.. رسائل "حازمة" من الرئيس ميقاتي فهل وصلت؟!

خاص "لبنان 24"

|
Lebanon 24
05-11-2021 | 06:00
A-
A+
Doc-P-882906-637717144111573060.png
Doc-P-882906-637717144111573060.png photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
كتب المحرر السياسي:
 
لم يكن كلام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من السراي الحكومي، في مناسبة إطلاق الرزمة السياحية الشتوية، عاديًا ولا مألوفًا. هو استغلّ "المناسبة" لتوجيه الرسائل من كلّ حدب وصوب، لعلّها تصل إلى المعنيّين بها، وعلى رأسهم "الشركاء المفترضون" في الحكومة، الذين لم يبدوا في المرحلة الأخيرة "الحرص" المطلوب، وفضّلوا ضرب مبدأ "التضامن الوزاري" بعرض الحائط.
Advertisement

قال ميقاتي الذي التقى على الهامش كلاً من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وبحث معهما عقد جلسة للحكومة للبحث بالأزمة المستجدّة مع دول الخليج، كلامًا كبيرًا ومسؤولاً. أكد أنّه لن يترك هذا الملف "عرضة للتساجل والكباش السياسي"، وجدّد دعوته إلى وزير الإعلام إلى "تحكيم ضميره (..) وتغليب المصلحة الوطنية على الشعارات الشعبوية"، وبالتالي "اتخاذ الموقف الذي ينبغي اتخاذه"، أي الاستقالة.

لكنّ الرئيس ميقاتي قال في الوقت نفسه كلامًا أكبر وربما أعمق في معرض حديثه. تحدّث عن "نهج من التفرّد والتعطيل تعرّضت له الحكومة من الداخل"، ولفت إلى "استدراجها للتدخل بأمر قضائي لا شأن لها به"، في إشارة إلى التحقيق بجريمة تفجير مرفأ بيروت، ورفض محاولات "فرض الرأي بقوة التعطيل والتصعيد الكلامي على المنابر"، كما "الإملاءات والتحديات والصوت المرتفع واستخدام لغة الوعيد والتهديد".

"امتعاض واضح"

لا شكّ أنّ الرسائل التي وجّهها ميقاتي من خلال كلمته واضحة، وهي تنطوي في جانبٍ أساسيّ منها على "امتعاض" لم يعد مخفيًا لدى الرجل من أداء بعض "الشركاء المفترضين" في الحكومة، الذين صعّبوا عليه مهمّة "الإنقاذ"، سواء في شقّها الاقتصاديّ الذي جاءت الحكومة لتنفيذه، أو في الشقّ المرتبط بالأزمة "الوجودية" التي تسبّبت بها "القطيعة الدبلوماسية" التي أعلنتها دول الخليج مع لبنان، بمُعزَل عن خلفيّاتها وجذورها الحقيقية، ومدى ارتباطها بتصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي.

يفسّر البعض هذا الامتعاض بأنّ الأزمة التي وقعت مع دول الخليج لم تكن، خلافًا للاعتقاد السائد، الامتحان الأول الذي تتعرّض له الحكومة، بل إنّ الأمر عائد إلى إصرار فريق على "فرض رأيه" عليها، والضغط عليها لتنحية المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت، رغم الاجتهادات التي تؤكد عدم صلاحيتها لذلك.

وبعدما نشبت الأزمة مع الخليج، زاد "الامتعاض" وفق أصحاب هذا الرأي، حيث أصرّ فريق على التعامل مع الموضوع بـ"برودة لافتة"، وفي وقت كان رئيس الحكومة يجري الاتصالات على أعلى مستوى لـ"احتواء" الخلاف، كان البعض يرفع سقف التصعيد، رافضًا "التضحية" بوزير من هنا، ومتحدّثًا عن "عدوان واعتذار" هناك، وكلّ ذلك بالتوازي مع التأكيد على "قرار" منع انعقاد مجلس الوزراء قبل "قبع" القاضي طارق البيطار.

ماذا بعد؟

لكلّ هذه الأسباب، جاءت "رسائل" رئيس الحكومة حازمة وصريحة وواضحة في كلمته في السراي الحكومي، ولعلّه أراد من خلالها أن يضرب أكثر من عصفور بحجر، فمن جهة أراد أن يؤكّد على "الثوابت" التي لطالما تمسّك بها، وجاءت في متن البيان الوزاري، بمعزل عن "الاجتهادات الشخصية" لبعض الوزراء، قبل أو بعد تسلّم حقائبهم، ومن جهة ثانية، سعى لتبديد "هواجس" دول الخليج، والتأكيد أنّ "عمق" لبنان العربي يبقى فوق كل اعتبار.

إلا أنّ الرئيس ميقاتي، وسط كلّ ذلك، لم "يكسر الجرّة" مع شركائه في الحكومة، علمًا أنّه تحدّث صراحة عن "اجتماعات ولقاءات فاصلة، قبل تحديد الكلمة الفصل"، كما شدّد أيضًا على مبدأ "التضامن الوزاري"، ما يؤشّر إلى أنّه يريد أن تستمرّ الحكومة، ولكن شريطة أن تكون "على قلب رجل واحد"، بما ينسجم ويتناغم مع البيان الوزاري الذي ينبغي أن يكون "مُلزِمًا" لجميع أعضائها، بمُعزَل عن آرائهم وقناعاتهم الشخصية.

لعلّ كلمة الرئيس ميقاتي، بهذا المعنى، تندرج في سياق المحاولات الدؤوبة التي يبذلها لحلّ الأزمة غير المسبوقة مع الخليج، أكثر من أي شأن آخر، بمُعزَل عن التفسيرات التي أعطاها لها البعض، وينبع ذلك من إدراكه أنّ تمسّك دول الخليج بموقفها، ورفعها سقف التصعيد أكثر، لن يكون في صالح لبنان على الإطلاق، بل سيكون الشعب اللبناني، بمختلف فئاته وشرائحه، المتضرّر الرئيسيّ والأكبر منها، وربما من دون منازع.

وضع الرئيس ميقاتي النقاط على الحروف. ثمّة من يقول إنّ هناك من "امتعض" من رسائله، وثمّة من يعتبر أنّه "تفهّمها"، نظرًا للخلفيّات والدوافع المحيطة بها. في مطلق الأحوال، فإنّ الأكيد أن الحكومة في وضع لا تُحسَد عليه، فتضامنها واجب وأساسي لتجاوز "المحنة"، والعبور بالبلاد بالحدّ الأدنى إلى الانتخابات النيابية، انتخابات يرى فيها كثيرون "مفتاح حلّ" الأزمات، والتي قد تكون الأزمة مع الخليج واحدة منها!
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك