Advertisement

لبنان

حيثيات حراك ماكرون بشأن لبنان.. هل انتهت الأزمة مع السعودية؟

محمد الجنون Mohammad El Jannoun

|
Lebanon 24
05-12-2021 | 05:00
A-
A+
Doc-P-893693-637743006122757134.jpg
Doc-P-893693-637743006122757134.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
من دون أي مُنازع، بات أكيداً أنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نجَح في إحداث خرقٍ كبير بجدار الأزمة بين لبنان والسعودية، وتمكّن من وضعِ حدّ لتدهور العلاقات بين الطرفين، فاتحاً الباب أمام خطوات تمهدُ لمرحلة جديدة.
Advertisement
 
 
فبالأمس، وأثناء لقائه مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، تمكّن ماكرون من الغوص في الملف اللبناني بمختلف جوانبه، واستطاعَ كسرَ القطيعة بين بيروت والرياض، إذ أُجري اتصالٌ مباشر مع رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي وتمّ تبادل الحوار بين المجتمعين (ماكرون – بن سلمان – ميقاتي).


وفي البيان السعودي – الفرنسي المُتشرك الذي تلا زيارة ماكرون، وفي أحاديث صحفية لماكرون وميقاتي، كان هناك تأكيدٌ على ثوابت أساسية لا يمكن أبداً التغاضي عنها مثل دعم لبنان والحفاظ على استقراره، والتزام الحكومة اللبنانية بالإصلاحات، فضلاً عن مكافحة تهريب المخدرات إلى المملكة.


في الواقع، فإن ما حصل يوم أمس يمثّل الانعطافة الأكبر المنتظرة بفارغ الصبر، إذ أن الحوار السعودي – اللبناني ليس أمراً عادياً وسط الأزمة الدبلوماسية القائمة، كما أن نجاح ماكرون في جمع ميقاتي مع بن سلمان يعتبرُ كسراً لكل العقبات بين الرياض وبيروت.


في المضمون، فإنّ ما جرى يؤكد أن السعوديّة لم تقطع علاقتها مع لبنان ولم توصد الأبواب أمام الحوار. كذلك، فإنّ الخطوة التي فعلها ماكرون تؤكد أنه استطاع استمالة السعودية نحو لبنان مرّة جديدة من عناوين عديدة هي: الأول هو أنّ استقرار لبنان يعني استقراراً للمنطقة، وأي انهيار في ذلك البلد يؤدي إلى أزمات كبرى لا يمكن لأي جهة تحمّلها. أما العنوان الثاني فيتحدّد بأهمية مساهمة الخليج في هذا الاستقرار، سواء على الصعيدين السياسي والاقتصادي. أما العنوان الثالث فيشير إلى أن أساس العلاقة بين لبنان والسعودية لم ينكسر وهذا ما تبين في حوار ميقاتي مع بن سلمان، وقد كانت استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي نقطة تحوّل باتجاه الاتصال المباشر، كما أنها كانت بمثابة تأكيد من لبنان الرسمي على حسن النية اتجاه الخليج.


ووسط كل ذلك، فإنّ حوار الأمس كرّس أهمية حكومة ميقاتي في هذه المرحلة لا بل كان اعترافاً بها خلافاً لمزاعم الكثير من الأطراف الداخلية اللبنانية التي تحدثت عن عدم رضى سعودي اتجاه ميقاتي وحكومته. فمن المعروف أنّ القيادة السعوديّة لم تضع أي فيتو مباشر على أداء الحكومة، وهذا الأمر اتضح كثيراً في تصريحات العديد من المسؤولين السعوديين في أوقات سابقة، إذ كان هناك تأكيدٌ على عدم وجود أي مطالبة باستقالة الحكومة بعد أزمة تصريحات قرداحي. ومع هذا، فإنّ السعوديين كانوا يشدّدون أيضاً على أهمية استقرار لبنان ومنع انهياره بأي شكلٍ من الأشكال.
 

ماذا عن الالتزامات التي تحدث عنها ماكرون؟
 
 
ما بدأه ماكرون مع بن سلمان وميقاتي قد يُستكمل لاحقاً بمسار واضح للحلحلة، وتقول مصادر سياسية لـ"لبنان24" إنّ الحوار المهم الذي حصل يعني أنّ العلاقات قد تعود إلى طبيعتها بين لبنان والسعودية وباقي دول الخليج، وأضافت: "قد نشهدُ مواقف إيجابية قريباً، وقد تكون هناك زيارات مُرتقبة باتجاه الخليج وهذا الأمر مطلوب بالدرجة الأولى لإنهاء الأزمة القائمة من أساسها".
وفي ظل هذه المشهديّة، فإن الالتزامات التي نتجت عن تلك الزيارة تضمّ التزام لبنان بالعلاقات الإيجابية مع دول الخليج عموماً والسعودية خصوصاً واحترام سيادة تلك الدول، الإمتناع عن جعل لبنان منصة للتحرك ضد السعودية والخليج، والمضي قدماً نحو الإصلاحات لأن ذلك يفتح الباب أمام المساعدات العربية والغربيّة.
 

وبشأن النقطة الأخيرة، فإنّها مطلوبة منذ زمن، والسعودية تُطالب بها لأن استثمار الأموال في لبنان يجب أن يكون في المكان الصحيح. وهنا، فإن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق جميع الأفرقاء السياسيين، والمرحلة تقتضي التزام لبنان بما تطالب به الدول، وأي إصلاحات يمكن أن تعطي لبنان فرصة للحصول على التمويل المباشر، وهذا ما ألمح إليه ماكرون صراحة في حديث له يوم أمس.


وهنا، فإنّ التقارب بشأن هذه الالتزامات يفتح أبواب الحل أمام لبنان خصوصاً عندما يتحقق الرضى السعودي. أما الأمر الأهم فهو أنّ كل هذه الالتزامات تتطلبُ حكومة، وما الحوار مع ميقاتي سوى تحصين لمجلس الوزراء وتفعيل عمله وقبولاً به لقيادة التسوية مع الخليج.

ماذا عن حزب الله؟

أما في ما خصّ الشروط الأساسية المرتبطة بـ"حزب الله" ودوره في حرب اليمن، فإنّ السعودية ما زالت عند موقفها لأن الأمر يتعلق بسيادتها وأمنها القومي، وقد أكّدت على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة الشرعية.


وبعيداً عن إمكانية تحقيق المطلب الأخير، فإنّ الالتزامات الأساسية التي قطعها لبنان الرسمي اتجاه الرياض يجب أن تكون محور التزام من قبل "حزب الله" أولاً، إذ بات المطلوب منه اليوم الإقرار بأهمية العلاقات الإيجابية بين لبنان والسعودية، وإبعاد لبنان عن الصراعات الأخرى التي تضرّ بتلك العلاقات، في حين أن الخطاب يجب أن يكون هادئاً ومتوازناً باتجاه دول الخليج.


ومع هذا، فإنه ليس واضحاً ما إذا كان بن سلمان تطرق في محادثاته إلى مسألة إنهاء "حزب الله" وجودياً، علماً أن هذا الأمر قد يفتحُ الباب أمام توتر كبير. وعلى هذا الصعيد، قد يتبين أنّ كل النقاط التي ترتبطُ بـ"حزب الله" ودوره في لبنان والمنطقة الإقليمية ستكون محور محادثات أخرى مقبلة خصوصاً بين السعودية وإيران، والتركيز اليوم من فرنسا والمملكة سيكون على ضرورة إراحة لبنان قليلاً ومنع انهياره ودعمه.


الحوار القائم بين الفرنسيين و "حزب الله" يمكن أن يمهّد لتهدئة الأجواء مع السعودية أكثر، وهذا الأمرُ مطلوب بشدّة من "حزب الله" والمصلحة الوطنية تقتضي ذلك مثلما حصل مع استقالة قرداحي.


في المحصّلة، يبدو أن ماكرون نجح مرة جديدة في فتح الباب أمام تسوية جديدة بشان لبنان، فالأجواء الحالية تشير إلى ذلك كما أن التنازل الذي قدّمه قرداحي بموافقة من "حزب الله" يُعطي فسحة أملٍ للوصول إلى حلّ، وسيكون لباريس الدور الأكبر في المنطقة وتحديداً في لبنان، وهو الأمر الذي سيمهّد لدور سعودي أعمق يقطع الطريق أمام التمدّد التركي المنظور.
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك