Advertisement

لبنان

حين كاد "التيار" ان يصدّق نفسه!!

ايناس كريمة Enass Karimeh

|
Lebanon 24
30-06-2022 | 03:00
A-
A+
Doc-P-967096-637921749546953991.jpg
Doc-P-967096-637921749546953991.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
بعد تسليم رئيس الحكومة المُكلّف نجيب ميقاتي التشكيلة الحكومية الى رئيس الجمهورية ميشال عون امس، ساد جوّ من الهجوم العالي السقف على ميقاتي عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الاعلام قاده "العونيون" بدعمٍ من الجيش الالكتروني الرسمي لـ "التيار الوطني الحر" نتيجة لهذه الخطوة الدستورية التي قام بها ميقاتي رغبة منه بتأليف حكومة كاملة الصلاحيات خلال فترة زمنية قصيرة، علماً ان تقديم التشكيلة لا يستهدف أي طرف سياسي ولا يشكّل عامل استفزاز لأي قوة محلية، لا سيما وأن الرئيس المُكلف انطلق من مراعاة الواقع المأزوم في لبنان في محاولة للاسراع بالتشكيل لإنجاز بعض الملفات العالقة التي تمثّل أولوية ملحّة للبلاد لإخراجها من أزمتها في اسرع وقت ممكن.
Advertisement

يصرّ الرئيس المُكلّف نجيب ميقاتي على إزاحة أي معوقات امام التشكيل، منطلقاً من تجربته السابقة التي أثمرت تعاوناً جدياً مع رئيس الجمهورية ميشال عون أسهم في ولادة حكومة عملت على حلحلة جملة ملفات شكّلت حجر الاساس لإخراج لبنان من مستنقع الازمات، متجنّباً في مسار التشكيل شتّى انواع الصدامات مع أي فريق سياسي فالهدف واضح: الانقاذ.

لكن "التيار الوطني الحر" استهدف ميقاتي بشكل مباشر من دون الاعلان عن حقيقة الاسباب، حيث ان تسريب مسودة التشكيلة الحكومية للاعلام اوحى أن ثمة غايات عميقة سعى "التيار" لتحقيقها ولم يتمكن من الحصول عليها. وما بدا مستغرباً ان هجوم "التيار" جاء متناقضاً مع التصريحات العلنية التي أطلقها مؤخراً قياديوه ونوابه وحتى رئيسه جبران باسيل.

منذ اسابيع، و"الوطني الحر" يؤكد في كل مناسبة بأنه ليس في وارد خوض معركة الحكومة او التمسّك بأي حقيبة، بل أنه حتى وإن لم يُسمّ ميقاتي سوف يحرص على تسهيل عملية التشكيل رابطاً منح الحكومة الثقة بجملة شروط متعلقة بالأداء، و"أذاع" بأنه لم يتخذّ بعد وتياره قراراً بشأن المشاركة في الحكومة من عدمها. فلماذا إذاً افتعل "حرباً الكترونية" واعلامية بحجة انّ التشكيلة لا تراعيه؟

من الواضح ان "الوطني الحر" حاول إبعاد نفسه من الواجهة السياسية من خلال إدّعاء انه غير معني بالمعركة الحكومية، وبأنه ربما سيلتزم عدم المشاركة فيها خلال المرحلة المقبلة. لكن يبدو أن ليس لهذا الادعاء قواعد ثابتة، إذ إن طموح باسيل مختلف كلياً ومساعيه مرتبطة حصراً بالحصص الوزارية لأهداف متعلقة بالفراغ الرئاسي المتوقّع بعد نهاية ولاية الرئيس ميشال عون.

من هُنا، وجد "التيار" نفسه بعد اعلان خطوة ميقاتي عاجزاً عن استكمال مناورته والتظاهر بأنه غير معني بهذه التشكيلة، إذ إن التمسّك بخطابه الاساسي يجعله معدوم الحجج التي تسمح له بالاعتراض على اي تشكيلة تصدر عن الرئيس المُكلف. غير ان "الحرتقة" التي حصلت، بدت وضوح الشمس "مساميراً" في طريق ميقاتي، ذلك أن "التيار" يفضّل حتماً الإبقاء على حكومة تصريف الاعمال عوضاً عن تشكيل حكومة جديدة لا يملك فيها ما يمكّنه من بسط سطوته والتحكّم بمفاتيح البلاد من خلال هذه الحقيبة او تلك.

اما فكرة المداورة في الحقائب والتي رفع لواءها "الوطني الحر" فهي مرتبطة بحقيبة المالية بشكل أساسي، حيث أن معركته مع الرئيس نبيه برّي تظهره متخبّطاً بالنكايات السياسية ولو على حساب البلد بهدف تحقيق انتصار قبل نهاية "العهد" امام بيئته، ولكنّه في الوقت عينه يبدو مستعداً، في حال فشل في الحصول على "المالية"، لخوض معركة الحفاظ على باقي الحقائب من دون استبدالها الا بمقايضة مع "حزب الله"، الامر الذي جرى تداوله منذ يومين، الا ان اداء "الوطني الحر" امس كان كفيلاً بالتشكيك به!

في الواقع، فإن معركة "الوطني الحر" حول حقيبة المالية، ليست مع رئيس الحكومة المكلف، وانما عملياً مع حليف "التيار" الاساسي، لكنّ من "يعاير" سواه بعدم قدرته على مجابهة بعض القوى السياسية، يحاول أن يغطّي عجزه عن المواجهة بالاسلوب الذي بات "التيار" يتقنه جيدا وهو حرف البوصلة بالاتجاه "المُريح" والذي يمكّنه من الضغط على حلفائه فيُسمُع الجار لتسمع "الكنّة"!

يعلم باسيل مدى صعوبة انتزاع حقيبة المالية، لذلك فهو يناور ليعود ويُحكم قبضته على حقيبة الطاقة التي لم تفارق حضنه منذ اكثر من عشر سنوات ويأبى ان يعترف بفشله بها ويخشى في الوقت نفسه أن تذهب الى من قد يكون قادراً على تحقيق بعض الانجازات فيها فيُسقط قناع ال"ما خلّونا" عن "التيار" ويحرمه من متعة "الشعبوية" والسمسرات.

في المحصلة، يبدو أن "الوطني الحر" سيغير مقاربته العلنية لملفّ التشكيل ويفجّر رغبته في المشاركة في الحكومة المقبلة والتعاطي المباشر في ملف التشكيل من خلال تصريحات اكثر واقعية من تلك التي سعى للإيحاء بها وكاد لوهلة أن يصدّق نفسه!
 
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك