Advertisement

لبنان

ماذا يعني أن يكون رئيس الجمهورية في لبنان مسيحيًا؟

اندريه قصاص Andre Kassas

|
Lebanon 24
27-09-2022 | 02:00
A-
A+
Doc-P-994578-637998658729901944.jpg
Doc-P-994578-637998658729901944.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
لم يُدرَج موضوع توزيع السلطات الرئاسية الثلاث على الطوائف الرئيسية (رئاسة الجمهورية للموارنة، ورئاسة مجلس النواب للشيعة، ورئاسة الحكومة للسنّة) في متن الدستور اللبناني، بل دخل في صلب ما يُرف بـ"العرف" المتّبع منذ أن نال لبنان إستقلاله.
Advertisement
 
 
ولم يكن إسناد رئاسة الجمهورية إلى الموارنة محض صدفة، بل جاء إعترافًا جامعًا من قِبل كل الطوائف على أهمية الدور الذي لعبه الموارنة في تكريس كيانية لبنان عبر التاريخ، خصوصًا ما قام به البطريرك الياس الحويك حين نجح في إقناع فرنسا بفكرة لبنان الكبير بحدوده الجغرافية الحالية، والإعتراف بـ"قدسية" الـ 10452 كلمترا مربعًا، التي أصبحت رمزًا لوحدة لبنان الكيان، بكل طوائفه وعائلاته الروحية.
 
فأهمية أن يكون رئيس الجمهورية مسيحيًا ومارونيًا بالتحديد، وهو الرئيس المسيحي الوحيد في العالم العربي، تعني الكثير للعرب المسلمين قبل أن تعني الشيء نفسه للعالم الغربي المسيحي، وبالأخص للكرسي الرسولي في الفاتيكان. ولم يكن إختيار المشرّعين تحديد الصفة الرئيسية لوظيفة رئيس الجمهورية، الذي هو "رمز وحدة الوطن"، مجردّ صفّ كلام أو تعابير إنشائية، بل جاء تعبيرًا عن إعتراف بواقع تاريخي لدور الموارنة، الذين يعود لهم الفضل الأول في الحفاظ على هوية لبنان العربية.
 
وهذا الإعتراف ورد في كلام مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، في بداية "اللقاء السنّي"، الذي عُقد في دار الفتوى يوم السبت الماضي، حيث قال: "لا يَخفَى عليكُمْ أنّ البَقَاءَ لِلأَوطَانِ وَالدُّوَل ، مَنُوطٌ بِفَعَالِيَّةِ مُؤَسَّسَاتِها الدُّستُورِيَّة ، وَعَلى رَأْسِهَا رِئاسةُ الدَّولة. فالرَّئيسُ هو رَمزُ البِلاد ، وَحَامِي دُستُورِها الذي عليه يُقْسِم؛ وأُشِيرُ هُنَا إلى الأَهَمِّيَّةِ الفَائقَةِ لِمَنْصِبِ رِئاسَةِ الجُمهُورِيَّةِ في لُبنانَ بِالذَّات، فَالرَّئيسُ المَسِيحِيّ، رَمزٌ وَوَاقِعٌ لِلعَيشِ المُشتَرَك، الذي يَقُومُ عليه النِّظَامُ الذي اصْطَلَحَ عَليهِ اللبنانيون. وَيَنظُرُ إليهِ العَرَبُ بِاعترافٍ وَتَقدِيرٍ لِلتَّجْرِبَةِ اللبنانية، لأنَّهُ الرَّئيسُ المَسِيحِيُّ الوَحِيد، في العَالَمِ العَرَبِيّ. إنّ رَئيِسِ الجُمهُورِيَّةِ في النِّظَامِ السِّيَاسِيِّ اللبنانِيّ، هو رَأْسُ المُؤَسَّسَاتِ الدُّسْتُورِيَّةِ القَائمَة. ولا يَنْتَظِمُ عَمَلُهَا وَلا يَتَوَازَنُ إلاّ بِحُضُورِه، مِنْ خِلالِ انْتِخَابِ مَجلِسِ النُّوَّابِ له. ولِضَرُورَاتِ انْتِخَابِ رَئيسٍ جَديد ، ينبغي الحِفاظُ في الفُرصَةِ الأَخِيرَةِ على وُجُودِ النِّظَامِ اللبنانِيّ ، وَسُمعَةِ لُبنانَ لَدَى العَرَبِ وَالدَّولِيِّين . 
 
انطلاقاً من هذه المقاربة، لا بدّ من إعادة الاعتبار الى موقع الرئاسة من خلال العمل السياسي الجماعي على تصويب الهدف والعمل على إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، مع ما يعنيه ذلك من أهمية قصوى في هذه الظروف الصعبة، التي يعيشها لبنان، والتي تتطلب من الجميع التعالي عن الأهداف الثانوية، التي تصبّ في ترسيخ تماهي البعض في مخططات تحريف بعضٍ من معالم هوية لبنان،كونه "وطنًا سیدًا حرًا مستقلًا، وطنًا نهائيًا لجمیع أبنائه، عربي الهویة والانتماء". 
 
فالهدف من إجراء الإنتخابات الرئاسية في موعدها هو الإتيان برئيس مسيحي يُؤمن بنهائية الكيان اللبناني وحياده عن كلّ الصراعات الإقليمية البعيدة من جوهر نشأته، ويُعيد إلى المسيحيين دورهم الرائد في المنطقة. فمسيحيّة رئيس الجمهورية في لبنان هي استمرار لمبدأ حرّية الفرد والعدالة الاجتماعية عبر تفعيل مبادئ شرعة حقوق الإنسان، وحرّية الجماعات من دون التعدي على حرّية الأفراد وحقوق المواطن.
 
 كذلك فإن مسيحيّة رئاسة الجمهورية هي تثبيت "للحضور المسيحي على مسرح نشأتها"، كما قال الفيلسوف الكبير شارل مالك. وتمحّور هذا الدور مع تصاعد  التيارات الإسلامية، كـ"داعش" و"النصرة"، والتي تهدف الى أسلمة الدول المحيطة، مقابل وجود كيانٍ إسرائيلي يرفع شعار "الدولة اليهودية، وبالتالي فإنّ مسيحيّة الرئاسة في لبنان هي ضرورة دولية في ظلّ الاضطهاد المستمر للمسيحيين في المنطقة المحيطة بلبنان.
 
فـ"مسحنة" الرئاسة في لبنان تعني إدخال لبنان في مشروع إنصهاري، يكون فيه الإنسان هدفًا ساميًا، بغض النظر عن طائفته ومذهبه وإنتمائه السياسي والبيئي والمناطقي. 
 
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك