يبدو أنّ الإنتخابات البلدية التي أثبتت قوّة الحالة العونية في جبل لبنان، أثبتت أيضاً ضعف القدرة التنظيمية لـ"التيار الوطني الحرّ"، الأمر الذي جعل العونيين، منقسمين في معظم البلدات، يخوضون الإنتخابات ضدّ بعضهم البعض، الأمر الذي أدّى إلى امتعاض جزء أساسي من المنتسبين إلى التيار واستقالة بعضهم واستعداد آخرين للإقدام على خطوة مماثلة.
بعبدا البلدة
وقدم أيضاً تسعة أعضاء في الهيئة المحلية لقضاء بعبدا استقالاتهم من "التيار الوطني الحرّ". في المقابل يتحضر نحو 25 محازباً عونياً لتقديم استقالاتهم في الأيّام القليلة المقبلة احتجاجاً على عدم دعم "التيار" لهم في الإنتخابات البلدية.
ويروي هؤلاء أنّ مجلس القضاء ماطل كثيراً قبل أن يعطي الحرّية للناخبين من دون دعم اللائحة برئاسة أنطوان خوري حلو المدعوم من هيئة القضاء، "ما أدّى إلى عدم نجاح أي عضو من التيار في مجلس بلدية بعبدا". ويتهم هؤلاء نواب القضاء بعدم السير مع رغبة المحازبين وقرارهم، وذلك من أجل غايات شخصية.
الحدث – بعبدا
من جهة أخرى، فإنّه من المعروف أنّ العونيين انقسموا في الإنتخابات البلدية في بلدة الحدث. ففي حين دعم نواب القضاء ومجلس القضاء اللائحة التي فازت برئاسة جورج عون، كان جزء أساسي من عونيي الحدث، يترشحون إلى جانب اللائحة المنافسة.
إمتعاض بعض العونيين في الحدث وصل إلى ذروته، إذ بعث نحو 15 منتسباً إلى قيادة "التيار" رسالة هدّدوا فيها بالإستقالة في حال عدم إقالة المنسق ربيع طراف الذي لم يسر برغبة العونيين بإعطاء الحرية للناخبين، باعتبار أنّ اللائحتين تتضمن عونيين.
ويقول جوزيف ونيس إنّه من الطبيعي أن يمتعض عونيو الحدث، إذ أنّ البلدية الحالية جُربت لمدة ستّ سنوات ولم تخدم "التيار" كحزب، بل كانت في المواجهة معه وساهمت في إقفال المكتب في الحدث. وأشار إلى أنّ دفع الأموال أدّى إلى خسارة اللائحة المضادة للائحة جورج عون التي (أي الأولى)، كانت تضم 8 عونيين مقابل عضوين في التيار في اللائحة الفائزة.
الحازمية
ويتهم العونيون في الحازمية "التيار" بأنّه لم يعمل بشكل جدّي على دعم اللائحة البلدية التي أعلن دعمه لها، باعتبار أنّ الفارق بين لائحتهم الخاسرة واللائحة الرابحة بلغ نحو 800 صوت. وترى عضو مجلس القضاء نادين نعمة أنّ الخسارة كانت مفاجأة وخاصة بالفارق الكبير الحاصل ولا بدّ من دراسة الأسباب، لكن في النهاية في الإنتخابات الديمقراطية هناك ربح وخسارة.
وادي شحرور
سار مجلس القضاء بعكس قرار الهيئة المحلية التي رغبت بترك الحرية للناخبين، إذ أنّ العونيين إنقسموا بين لائحتين، لكن هيئة القضاء دعمت لائحة رياض الأسطة، وفي النتيجة أدّى الأمر إلى تشتت أصوات "التيار الوطني الحرّ" ونتيجة التشطيب والتنافس بين ثلاث لوائح خسر كل مرشحي التيار في كل هذه اللوائح.
فرن الشباك
التهديدات بالإستقالة وصلت إلى فرن الشباك أيضاً، إذ أنّ العونيين يطالبون بمحاسبة منسقة التيار في فرن الشباك سامية ضو وإقالتها، إذ انها الوحيدة التي كانت تطالب بدعم لائحة ريمون سمعان، بسبب كون زوجها مرشح على المخترة على لائحته.
ويقول العونيون الغاضبون أن ضوّ رفضت عقد إجتماع للهيئة العامة للتيار في فرن الشباك لأخذ قرار بخوض الإنتخابات أو عدمه، وذلك بسبب مصالحها الشخصية المعارضة لخوض المعركة ضدّ سمعان.
وتقول عضو مجلس القضاة نادين نعمة أنه لو دعم التيار اللائحة المواجهة للائحة سمعان لكانت حصلت معركة إنتخابية حقيقية وكان هناك إمكانية للفوز. وأشارت إلى أنّ التيار سيعقد إجتماعات في الأسبوع المقبل لتقييم نتائج الإنتخابات في القضاء وأسباب الخسارة في بعض البلدات، كذلك سيناقش التيار مسألة العونيين المستقيلين والممتعضين وكيفية التعاطي معهم.
أما ربيع طراف منسق القضاء فأكد أن لا مشكلة حزبية داخلية في بعبدا وأن لكل عضو في التيار الحق في أخذ خياره بالإستقالة من عدمها، وهذا ما حصل بعد الإنتخابات البلدية، لكن لا مشكلة حقيقية داخل التيار.
جل الديب – المتن
يبدو أن حركة الإستقالات والإمتعاض العوني في قضاء بعبدا لن تظلّ وحيدة، بل هناك جو مشابه بدأ ينشأ في المتن. فقد قدم موريس أبو جودة إستقالته من هيئة جل الديب ومن "التيار الوطني الحرّ" إعتراضاً على "الفشل الذي حكم العمل والتنظيم وإتخاذ القرارات في التيار خلال الإنتخابات البلدية".
هذه الإستقالة ستلحقها، على ما يبدو، إستقالات أخرى من التيار، يُضاف إليها الخلل الكبير الذي حصل بعد تفرّد النائب العوني نبيل نقولا بالتحالف مع اللائحة المدعومة من النائب ميشال المرّ بعكس إرادة الهيئة المحلية في جلّ الديب، ما أدّى إلى خسارة لائحة التيار.
حالة الإمتعاض العونية المتفاعلة في جل الديب تعود إلى عدم قيام التيار على محاسبة النائب المغرّد خارج سرب القرار الحزبي والإرادة العونية.