على نحو مفاجئ، لجأ رعاة الحكومة الحالية تكثيف حضورهم الاعلامي عبر الشاشات في زمن الحجر لتبيان موقفهم من قضية السماح لعودة اللبنانيين من الخارج. المشكلة متفرعة من أزمة الكورونا لكنها مؤشر لإهتزاز حكومة حسان دياب جراء عجزها تدبير حلول في ظل إحتشاد أزمات لبنان المختلفة مع الوباء العالمي الذي يضرب العالم.
في الخلاصة الأولية، الحكومة سقطت عنها الاستقلالية و اختصاص وزرائها المنتدبين، هي مجرد بدل عن ضائع سياسي في زمن الثورة من أجل إخماد الاحتجاجات في الشارع و ليس معالجة الازمات المتراكمة. اما الآن فهي تسير وسط افخاخ عدم وحدة الأهداف عند اركانها.
واقع الحكومة مأزوم و مصيرها مهدد. فمنطق التحاصص السياسي و عودة النهج السابق الذي أدى إلى المصيبة لا يحتاج إلى براهين، على الرغم من خطاب حسان دياب المتكرر عن اشادة العالم بخطط و إجرءات حكومته، كما تذكير اللبنانيين بأنه المهمة الانتحارية.
في هذا الصدد أفاد مطلعون بأن الاشتباك الداخلي المستجد أتى كإرهاصات لمتغيرات في المشهد الإقليمي لن تكون الساحة اللبنانية بمعزل عن تداعيات مباشرة، و ليس فتح خطوط الاتصال بين الإمارات و سوريا سوى خيوطها الأولى.
فإتصال ولي عهد الإمارات محمد بن زايد لا يهدف إلى الاكتفاء بكسر الجليد الخليجي مع نظام الأسد بعد سنوات طاحنة، بل أتى بمثابة الإعلان الرسمي بما لا يحمل الالتباس عودة سوريا إلى الحضن العربي، و هو لا ينفصل عن الاتفاق الروسي - الأميركي شبه المعلن عن إخراج إيران من سوريا والانتهاء من المليشيات الشيعية، كما التفرغ للعملية السياسية برعاية الأمم المتحدة.
من الميدان السوري، تتقاطع المعطيات عند تخفيف "حزب الله" انتشاره العسكري في سوريا، بل وثمة معلومات بأنه عمد إلى سحب طاقمه الطبي أيضا والحقه بخطته الميدانية للحد من انتشار وباء كورونا في لبنان، لكن تبرز معضلة الجهد الأميركي المكثف بنزع يد إيران عن لبنان عبر تقويض نفوذ "حزب الله" داخل المؤسسات اللبنانية.
ثمة وقائع في الداخل تصب في هذا الاتجاه و لا يمكن التغافل عنها، فقد لاحظت أوساط سياسية نشاطاً مصرياً ملحوظاً في بيروت في الفترة التي سبقت كورونا، و التفسيرات عن التحرك المصري صبت بهدف يتصل بالتعويض عن الإنكفاء السعودي عن متابعة ملفات لبنان أوّلاً، ثم قطع الطريق على تمدد تركي محتمل في سبيل ملء الفراغ في عمق البيئة السنية في الشمال التي قد تصب في خطط اردوغان التوسعية نحو سوريا، كما نحو لبنان.