كشفت مركبة
ناسا الفضائية "جونو" عن تفاصيل جديدة مدهشة حول كوكب المشتري وقمره البركاني "آيو".
ومن خلال النظر تحت الغطاء الكثيف من السحب حول المشتري وبعمق سطح "آيو"، تمكن العلماء من تطوير نموذج أكثر تفصيلا للتيار النفاث سريع الحركة الذي يحيط بالقطب
الشمالي للمشتري. وفي نفس الوقت، حققوا إنجازا غير مسبوق برسم خرائط لدرجات الحرارة تحت سطح "آيو"، ما كشف عن أدلة مهمة حول هيكله الداخلي ونشاطه البركاني المستمر.
ووجدت مركبة جونو في قطب كوكب المشتري الشمالي، عواصف هائلة بحجم قارة
أستراليا أو أكبر، تدور بعنف وسط رياح تبلغ سرعتها 160 كم/ساعة. وهذه الاكتشافات المثيرة جاءت بعد تحليل
سنوات من البيانات التي جمعتها المركبة التابعة لناسا، والتي كشفت عن تحركات طويلة الأمد للإعصار القطبي الضخم، بالإضافة إلى ثمانية أعاصير أخرى تحيط به.
وعلى قمر "آيو" البركاني، الأكثر نشاطا في النظام الشمسي، اكتشفت المركبة الفضائية تدفقات حمم بركانية ما تزال تحتفظ بحرارتها تحت القشرة السطحية مباشرة.
وهذه الاكتشافات هي جزء من الملاحظات المذهلة التي جمعتها "جونو" أثناء دورانها حول الكوكب الغازي العملاق الذي يبعد نحو 875 مليون كم عنا.
وهذه النتائج التي تم تقديمها في 29 أبريل خلال
مؤتمر صحفي في الاجتماع العام للاتحاد
الأوروبي لعلوم الأرض في فيينا، ستساعد العلماء على فهم أفضل لآليات انتقال الحرارة داخل الكواكب والأقمار، وهي عمليات تؤثر على الطقس والنشاط البركاني وحتى تغير الأسطح مع الزمن.
وصرح سكوت بولتون، الباحث
الرئيسي في بعثة جونو: "مع تحرك مدار جونو إلى مناطق جديدة من نظام المشتري المعقد، نحصل على نظرة أقرب إلى الطاقة الهائلة التي يمتلكها هذا الكوكب الغازي".
ويتعلم الفريق أيضا عن طاقة قمر "آيو"، حيث اكتشفوا انفجارا بركانيا أثناء تحليق جونو في كانون الاول 2024 - وهو الأكثر نشاطا في تاريخ القمر - وكان ما يزال يقذف الحمم والرماد حتى 2 آذار الماضي. ويعتقد العلماء أنه ما يزال نشطا حتى اليوم.
ومن المفاجآت الكبرى التي كشفت عنها النتائج أنه رغم أن القشرة الخارجية للقمر مبردة، تظهر البيانات أن "آيو" يحتفظ بحمم سائلة ساخنة تحت السطح مباشرة. وفي الواقع، نحو 10% من سطح القمر توجد تحته حمم بركانية، ما يفسر قدرة القمر على تجديد سطحه باستمرار.
ووصف العلماء هذه الظاهرة بأنها تعمل "كمشعاع حراري كوني" ينقل الحرارة من باطن القمر إلى سطحه، ما يسمح له بتبريد نفسه في فراغ الفضاء.
وأوضح شانون براون، العالم في فريق جونو: "تعمل براكين آيو وحقول الحمم البركانية وتدفقات الحمم تحت الأرضية مثل مشعاع السيارة، حيث تنقل الحرارة بكفاءة من الداخل إلى السطح، ما يبرد نفسه في فراغ الفضاء".
وفي إحدى رحلات جونو الأخيرة حول المشتري، استخدمت المركبة الفضائية - التي تدور حول الكوكب منذ 2016 - تقنية تسمى "الاحتجاب الراديوي" لإرسال إشارة عبر الغلاف الجوي السميك للمشتري وقياس انحناء الموجات. ومن خلال ذلك، تعلموا أن الهواء في
القطب الشمالي أكثر برودة بنحو 11 درجة مئوية من المناطق المحيطة به.
وعلى عكس
الأعاصير الأرضية التي تتشكل عادة بالقرب من خط الاستواء وتتفكك مع اقترابها من القطبين، تبقى عواصف المشتري عند القطبين في مشهد فوضوي منظم: تتصادم الأعاصير مع بعضها بعضا، ما يثبت التكوين العام، وتدور ببطء حول عاصفة مركزية كبيرة.
ويختلف المشتري الذي لا يمتلك سطحا صلبا تماما عن كوكبنا، لكن العلماء يقولون إن دراسة طقسه ونشاطه الداخلي ونظام أقماره يمكن أن تساعد على فهم الأرض بشكل أفضل.
وأنشأ العلماء نماذج حاسوبية تحاكي الطقس والمناخ، بناء على قوانين الفيزياء التي تحكم جميع الكواكب.
ومن خلال مراقبة الرياح والحرارة والضغط على المشتري، يمكن للعلماء تحسين فهمهم لأنظمة الطقس
بشكل عام وضمان دقة تلك النماذج.
ومن المتوقع أن تحلق "جونو" بالقرب من "آيو" مرة أخرى في 6 أيار. وستمر المركبة الفضائية على بعد 88500 كم من القمر، ما يسمح للعلماء بمعرفة ما إذا كان ذلك الانفجار الهائل ما يزال مستمرا. (روسيا اليوم)