في السنوات الأخيرة، واجهت منصة "تيك توك" حملة عالمية من الانتقادات، تقودها خصوصًا حكومة
الولايات المتحدة، بسبب ما تجمعه من بيانات عن المستخدمين والمخاوف المتزايدة من استخدام تلك البيانات. ورغم أن البيانات الظاهرة تبدو مشابهة لما تجمعه أي منصة تواصل اجتماعي أخرى، إلا أن طريقة تعامل "تيك توك" مع هذه البيانات وحجمها ونوعيتها تطرح علامات استفهام كثيرة.
القلق ينبع أولًا من عدد المستخدمين الهائل، إذ يتجاوز عدد الناشطين شهريًا 1.5 مليار، ما يعني أن كمية البيانات التي تجمع شهريًا ضخمة جدًا. ثانيًا، طريقة استخدام هذه البيانات داخل المنصة مثيرة للجدل، خصوصًا مع اعتمادها في تغذية خوارزميات ذكية. وثالثًا، نوعية البيانات نفسها، حيث لا تقتصر فقط على معلومات المستخدم الأساسية، بل تمتد لتشمل تفاصيل تقنية وسلوكية دقيقة، مثل نوع الجهاز، نظام التشغيل، عنوان الإنترنت، الموقع الجغرافي، وسجل التفاعل الكامل داخل التطبيق، بما في ذلك كل فيديو تمت مشاهدته أو التفاعل معه، وكيف ومتى.
يصف بعض المستخدمين على مواقع أخرى "تيك توك" بأنها تعرف عنك أكثر مما يعرفه أقرب الناس إليك. فالمنصة تسجل بدقة
ما تحب سماعه من موسيقى، من هم صناع المحتوى المفضلون لديك، ماذا تشارك، وكيف يتفاعل أصدقاؤك مع مشاركاتك، وتحتفظ بسجل لكل عملية بحث قمت بها داخل التطبيق.
رغم أن المنصة تدّعي أن الغرض من جمع البيانات هو تحسين تجربة المستخدم من خلال خوارزمية دقيقة تقترح له ما يحب، إلا أن المخاوف تتصاعد بسبب موقع إدارة
الشركة الأم في
الصين، حيث يمكن قانونًا إلزام الشركات بمشاركة بيانات المستخدمين مع الحكومة، ما يدفع كثيرًا من الدول الغربية إلى حظر استخدام التطبيق على الأجهزة الحكومية.
المنصة تتيح للمستخدمين تحميل نسخة من البيانات المخزنة لديهم، والتي تكشف بدورها عن كم مذهل من المعلومات التي يتم تتبعها. ويمكنك أن ترى بنفسك تفاصيل كل تفاعل قمت به، بما في ذلك مقاطع الفيديو التي شاهدتها، توقيت المشاهدة، طريقة تفاعلك، والأشخاص الذين شاركت المقطع معهم.
ورغم أنه لا يمكن منع المنصة تمامًا من جمع البيانات طالما يتم استخدامها، إلا أن هناك بعض الخطوات التي يمكن اتخاذها لتقليل حجم البيانات المجمعة، مثل استخدام التطبيق من المتصفح بدلًا من الهاتف، تعطيل خدمات التتبع وملفات الارتباط، عدم ربط الحساب بمنصات أخرى أو منح التطبيق صلاحيات للوصول إلى الكاميرا، الميكروفون، الصور، أو الموقع. كما يُنصح باستخدام بريد إلكتروني وهمي ورقم هاتف غير مرتبط بحسابات شخصية أخرى.
حتى الآن، لا توجد أدلة قطعية تؤكد مشاركة "تيك توك" لبيانات المستخدمين مع الحكومة
الصينية أو أي جهات خارجية. لكن دراسات عديدة أشارت إلى أن كمية البيانات التي تجمعها المنصة تفوق ما تحتاجه فعلًا، وأن سياساتها لا تضع الخصوصية كأولوية واضحة.
لذلك، يبقى التعامل مع "تيك توك" خيارًا شخصيًا يتطلب وعيًا وحرصًا كبيرين. استخدامك الذكي للمنصة، وفهمك لكيفية عملها، يمكن أن يساهم في تقليل المخاطر وحماية خصوصيتك إلى حد بعيد.