Advertisement

متفرقات

ضاحية صينية هادئة.. "قرويو البرمجة" يحولونها إلى سيليكون فالي الصين!

Lebanon 24
14-07-2025 | 04:36
A-
A+
Doc-P-1391075-638880906911775140.jpg
Doc-P-1391075-638880906911775140.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
في ضاحية ليانغتشو الهادئة الواقعة جنوب مدينة هانغتشو الصينية، بات مشهد المبرمجين والمبتكرين وهم يجلسون في المقاهي أو على الأرض في الحدائق العامة، منشغلين بحواسيبهم المحمولة، جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية. مشهد يتكرر على نطاق واسع، حتى بات يُطلق على المكان لقب "سيليكون فالي الصين"، نظراً لما يحتضنه من طاقات شابة وأفكار تقنية مبتكرة.
Advertisement

الضاحية التي توفّر بيئة بسيطة وهادئة، أصبحت وجهة للمبرمجين ورواد الأعمال الطامحين لتأسيس شركاتهم الخاصة. يُطلق هؤلاء على أنفسهم لقب "القرويين"، ليس فقط بسبب طبيعة حياتهم البسيطة، بل أيضاً بسبب أسلوبهم الجماعي في العمل والتعلّم والتعاون. يعمل معظمهم خلال النهار على تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي وكتابة الأكواد، فيما يمضون لياليهم في جلسات نقاش أو لعب ألعاب الفيديو، ما يخلق مجتمعا متماسكاً ومفعماً بالحيوية التقنية.

ولكن، صعود "سيليكون فالي الصين" لم يكن فقط بفضل أجواء ليانغتشو، بل أيضاً بسبب قربها من مدينة هانغتشو، التي شهدت ولادة شركات تقنية كبرى، وأصبحت محركاً أساسياً في سباق الصين نحو الهيمنة على الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحديثة. وقد ساعدت السياسات الحكومية الداعمة، بما في ذلك الإعفاءات الضريبية والإعانات للشركات الناشئة، على تحويل المنطقة إلى مركز للابتكار.

من بين هذه الشركات، تبرز "ديب سييك"، التي فاجأت العالم عندما كشفت عن نموذج ذكاء اصطناعي بكفاءة عالية وتكلفة أقل من نظيراتها في وادي السيليكون الأميركي. كما تبرز شركة "غيم ساينس"، التي أطلقت لعبة "بلاك ميث ووكونغ" وحققت نجاحاً كبيراً في الأسواق الغربية، إلى جانب "يوني تري"، التي لفتت الأنظار عالمياً عبر استعراض روبوتاتها الراقصة في حفل سنوي رسمي. هذه الشركات الثلاث، بالإضافة إلى ثلاث شركات أخرى، تُعرف محلياً باسم "نمور هانغتشو الستة"، وقد أصبحت رمزاً لصعود الصين في مجال التكنولوجيا المتقدمة.

لكنّ هذا النجاح لا يخلو من التحديات. فالكثير من رواد الأعمال الشبان يعانون من القيود التي تفرضها عقود عدم المنافسة في شركاتهم الكبرى، وهو ما يدفعهم للانتظار قبل إطلاق مشاريعهم الخاصة. كما أن التمويل الحكومي، رغم دوره المحوري في دعم الابتكار، يضع هذه الشركات في موقف حرج أمام المستثمرين الأجانب، الذين قد يترددون في دعم مشاريع على صلة بالحكومة الصينية. ويرى بعض المؤسسين أن هذا الارتباط قد يُضعف فرص انتشار منتجاتهم في الأسواق الغربية.

وتعتبر شركة "بايت دانس"، المالكة لتطبيق "تيك توك"، مثالاً واضحاً على هذه الإشكالية، حيث واجهت صعوبات قانونية في الولايات المتحدة بسبب تمويلها ودعمها من الحكومة الصينية. وفي هذا السياق، يجد العديد من رواد الأعمال أنفسهم أمام خيارين صعبين: إما الاعتماد على التمويل المحلي مع خسارة فرص التوسع الدولي، أو محاولة تأسيس شركاتهم في الخارج مثل سنغافورة لجذب الاستثمار الغربي.

وبينما تُعد أزمة الشرائح الإلكترونية إحدى العقبات الأخرى أمام الشركات الصينية، نظراً لتفوق الرقائق الأميركية، فإن بيئة ليانغتشو لا تزال مصدرًا غنيًا للأفكار، حيث يعمل الشباب على تطوير نماذج ذكاء اصطناعي جديدة رغم هذه التحديات. ومن بين هؤلاء، يبرز "لين يوانلين"، مؤسس شركة "زيبور"، الذي بدأ مشروعه من غرفة جامعية ويطوّر الآن أدوات تتيح كتابة الأكواد دون خبرة برمجية، مستفيدًا من التفاعل المباشر مع المبرمجين في المقاهي لاختبار تقنيته وتحسينها.

على ضفاف بحيرة هانغتشو التي ألهمت الشعراء على مرّ العصور، تُكتب اليوم قصائد رقمية من نوع آخر، أفكار ومشاريع تقنية قد تُغيّر وجه الذكاء الاصطناعي في العالم. وهنا، لا يكتمل الاندماج في مجتمع "قرويي البرمجة" من دون المشاركة في سهرة مشاهدة فيلم "ذا ماتريكس"، التي باتت تقليداً راسخاً لدى سكان الضاحية.

في ليانغتشو، لا تصنع الأفكار في مكاتب مغلقة، بل تنمو في الهواء الطلق، على الأرصفة وبين فناجين القهوة، في بيئة تسير بخطى ثابتة نحو تشكيل مستقبل التقنية الصينية وربما مستقبل العالم.
 
(الجزيرة)
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك