في عالمٍ باتت فيه تطبيقات تتبع النوم، واللياقة، وصحتنا العامة كجزء من روتيننا اليومي، يظن المستخدمون أنهم يراقبون صحتهم فقط، لكن المفاجأة التي فجرها باحثون ألمان كشفت أن هذه التطبيقات تراقبنا نحن أيضًا وتشارك أسرارنا الصحية الحساسة حول العالم، حتى قبل أن نمنحها الإذن بذلك.
أجرى فريق من جامعة بريمن
الألمانية دراسة دقيقة شملت 20 تطبيقًا صحيًا شائعًا في
أوروبا، ليتضح أن معظمها يرسل بيانات المستخدمين الشخصية مثل العمر، الحالة الصحية، النشاط البدني، والدورة الشهرية إلى خوادم في
الولايات المتحدة ودول أخرى قبل الحصول على أي موافقة من المستخدم.
ماهي ظاهرة الأنماط المظلمة وكيف تخترق خصوصيتنا؟
ويركز الباحثون على ظاهرة تُعرف باسم الأنماط المظلمة (Dark Patterns)، وهى تصميمات خبيثة داخل واجهات التطبيقات تُستخدم لدفع المستخدم إلى الموافقة دون وعى ، فمن خلال أزرار مضللة أو إشعارات عاجلة أو سياسات غامضة، يجد المستخدم نفسه قد منح التطبيق صلاحيات تتبع كاملة فقط ليتمكن من استخدامه.
تكشف الدراسة، أن هذه التطبيقات تنتهك روح قانون حماية البيانات
الأوروبي (GDPR)، إذ تبدأ بإرسال معرّفات المستخدم الإعلانية فور فتح التطبيق، متجاوزةً الحاجة إلى الإذن المسبق، كما أن سياسات الخصوصية في معظمها مكتوبة باللغة الإنجليزية أو مصاغة بلغة قانونية معقدة، ما يجعل من الصعب على المستخدمين
الأوروبيين فهم ما يوافقون عليه فعلاً.
بياناتنا الصحية... تُباع وتُشارك عالميًا
الأمر لا يتعلق بمجرد تسريب بيانات عادية ، بل إن المعلومات الصحية الشخصية كالنوم، التغذية، الوزن، والدورة الشهرية قد تُباع لشركات تسويق أو تُستخدم لأغراض تحليلية وتجارية في دول لا تملك قوانين حماية بيانات صارمة ، إنها صورة مقلقة لعصرٍ تتحول فيه خصوصيتنا إلى سلعة رقمية تُتداول دون علمنا.
باحثون يسابقون الزمن لإصلاح الفوضى
رغم سوداوية النتائج، هناك جانب مشرق في القصة، يعمل باحثو جامعة بريمن حاليًا على تطوير أدوات ذكية قادرة على كشف هذه التسريبات الخفية تلقائيًا وتنبيه المستخدمين عند حدوثها ، الهدف هو إجبار الشركات على الالتزام بالشفافية وتغيير الطريقة التي تتعامل بها مع بيانات المستخدمين، خصوصًا في المجال الصحي الحساس.
وإذا كنت تستخدم تطبيقات الصحة لتعتني بجسدك، فلا تنسَ أن تعتني أيضًا بخصوصيتك الرقمية، مع قراءة الأذونات بعناية، وأهمية التحقق من سياسات الخصوصية. (اليوم السابع)