لم يعد ChatGPT مجرد اسم متداول في نقاشات التكنولوجيا، بل تحوّل خلال فترة قصيرة إلى أداة يستخدمها كثيرون في تفاصيل يومهم، بين من يراه "محرّك بحث مطوَّر" ومن يتعامل معه كنوع من "مستشار حياة رقمي". ورغم التحذيرات المتكررة من الاعتماد عليه في التشخيصات الصحية أو القرارات القانونية المعقّدة، فإن مساحة الاستخدامات الآمنة والنافعة ما زالت واسعة، وتكشف جانبًا إيجابيًا من ثورة الذكاء الاصطناعي.
أول ما يلفت في روبوتات الدردشة مثل ChatGPT وGemini وClaude وPerplexity هو قدرتها على تبسيط البحث. بدل التنقّل بين عشرات الروابط، يحصل المستخدم على إجابة مركّزة، يمكنه أن يطلب بعدها مزيدًا من الشرح أو التبسيط أو الأمثلة. كثيرون باتوا يلجأون إليه لفهم موضوع جديد، أو لالتقاط "الصورة الكبيرة" قبل الغوص في التفاصيل. ومع ذلك، تبقى النصيحة الأساسية واضحة: التحقق من أي معلومة حساسة وعدم التعامل مع الإجابات كحقائق نهائية.
خارج دائرة "المعرفة الصرفة"، دخل الذكاء الاصطناعي إلى مجالات أكثر خفة. مستخدمون يستعينون به لاختيار لون أحمر الشفاه المناسب، أو قصة الشعر الملائمة لشكل الوجه، أو اقتراح إطلالة كاملة مع الإكسسوارات. يمكن رفع صورة شخصية وطلب أفكار للتغيير أو حتى سؤال الروبوت عن "الشبيه" في عالم المشاهير. وفي المطبخ، تحوّل إلى منقذ للثلاجة المزدحمة: تكتب له ما تملكه من مكونات، فيقترح وصفات وقوائم طعام، أو يساعد في استثمار بقايا الأعياد بدل رميها.
وفي المنزل، يأخذ ChatGPT دور "مصمّم داخلي افتراضي". صورة لغرفة غير مرتّبة كفاية أو مساحة لا يعرف صاحبها كيف يستفيد منها، تكفي ليقترح الروبوت إعادة توزيع الأثاث، وألوان الطلاء الممكنة، وطابع الديكور الأنسب. قد لا تكون النتيجة نهائية أو مثالية، لكنها تمنح صاحب المكان نقطة انطلاق وأفكارًا لم يكن ليفكر بها وحده.
على خط العمل، بات الروبوت أداة ضرورية لمن يبحث عن وظيفة في سوق شديد التنافس. يمكن استخدامه لمراجعة
السيرة الذاتية وصقلها، وكتابة مسودات رسائل التعريف، وتحويل وصف وظيفة منشور على موقع توظيف إلى نقاط قوة يمكن إبرازها، وحتى اقتراح أسئلة يُحتمل أن تُطرح في المقابلة. ومع القليل من التعديل الشخصي، يصبح النص أقرب إلى شخصية صاحبه وأبعد عن "النسخة المعلّبة" التي ينتجها الذكاء الاصطناعي للجميع.
وفي الخلفية، يقدّم ChatGPT خدمات أصغر ولكنها شديدة العملية: البحث عن أشخاص قبل مقابلة عمل أو اجتماع مهم، جمع معلومات أساسية عن ضيف أو عميل أو ممثل شاهدته في مسلسل، حل مشكلات تقنية يومية على الحاسوب أو الهاتف، أو تقديم اقتراحات لإصلاح أعطال بسيطة قبل الاتصال بفني. كما تحوّل إلى رفيق مفيد في التخطيط للسفر، من اختيار الوجهة المناسبة إلى اقتراح برامج يومية، ونصائح عن الأحياء التي يُفضّل الإقامة فيها وأفضل توقيت للزيارة.
أما في ما يخص النصائح الشخصية، فيشبه ChatGPT كثيرًا "دفتر ملاحظات ذكيًا": يمكن التحدث معه عن تردّد مهني، خلاف شخصي، خطوة مصيرية، أو رسالة متردّد في إرسالها، وطلب صياغة بديلة أو رؤية أخرى للموقف. هو ليس بديلًا عن صديق مقرّب أو اختصاصي، لكن يمكن أن يلعب دور "العقل البارد" الذي يساعد على ترتيب الأفكار وتهدئة الانفعال، شرط أن يتذكّر المستخدم دائمًا أن ما يقدَّم له هو نموذج تنبّؤي، لا إنسان يعرفه حقًا أو يتحمّل مسؤولية قراراته. (cnet)