الأقمار الصناعية من أعقد ابتكارات العصر، لكن كلفتها ترتفع لأسباب واضحة: إطلاق الصاروخ يتطلب طاقة هائلة لتجاوز جاذبية الأرض واستهلاك كميات ضخمة من الوقود، وغالباً تُفقد المركبة، إضافة إلى أن القمر نفسه يُصنّع بأجهزة دقيقة قادرة على تحمّل الفضاء من دون صيانة أو إصلاح. ومع ذلك تبقى الأقمار أساساً لأبحاث الفضاء، وللاستخدامات الأرضية، وعماداً لشبكات الاتصالات العالمية. وفي ما يلي أبرز الأقمار الأغلى في المدار ضمن ما هو متاح علناً، مع استبعاد الأقمار العسكرية السرّية، والتركيز على الأقمار العاملة لا على أغلى المهمات الفضائية تاريخياً.
محطة الفضاء الدولية هي المشروع الأضخم والأعلى كلفة، لأنها "قمر صالح للسكن" جرى تجميعه من وحدات متعددة أُطلقت منفصلة ووُصلت في الفضاء، مع كلفة تصنيع وإطلاق لكل وحدة، وكلفة صيانة وإمداد متكرر. وتُقدَّر كلفتها بنحو 150 مليار دولار، فيما تخطط ناسا لإخراجها من المدار عام 2030.
تلسكوب "هابل" بدأ بكلفة أولية قدرها 1.5 مليار دولار عند إطلاقه عام 1990، لكن مع احتساب التضخم وكلفة مهام الصيانة والتحديث وإصلاح عيب خطِر في المرآة، بلغت كلفته الإجمالية 16 مليار دولار حتى عام 2021. ويُعدّ استثماره كبيراً لأنه يعمل منذ 35 عاماً، ولا تزال التوقعات تشير إلى استمراره حتى 2030 أو 2040.
تلسكوب "جيمس ويب" بلغت كلفة إنشائه وإطلاقه 10 مليارات دولار، ما يجعله أغلى قمر صناعي أُطلق دفعة واحدة. بدأت تقديراته بمليار دولار ثم تضاعفت مع التعقيدات الهندسية. يدور عند نقطة "لاغرانج L2" ويركّز على رصد الأشعة تحت الحمراء عبر مجموعة من 17 جهازاً علمياً، وهو ليس بديلاً لـ"هابل" بل يعمل بدور مختلف إلى جانبه.
قمر "NISAR" للشراكة بين ناسا و"ISRO" بلغت كلفته 1.5 مليار دولار، وهو الأغلى ضمن أقمار تصوير الأرض. أُشير إلى أن الكلفة انخفضت نسبياً لتولّي "ISRO" الإطلاق والصيانة، ويتميّز بكونه أول قمر يستخدم راداراً ثنائي التردد للتصوير عبر نطاقي "S" و"L" لالتقاط صور دورية وتقديم بيانات أدق عن تغيّرات بيئة الأرض.
كوكبة "WorldView Legion" تُقدَّم كأقوى كوكبة للاستشعار عن بُعد وأكثرها كلفة. تتألف من ستة أقمار أُطلقت على دفعتين وتنضم إلى أربعة أقمار "WorldView" سابقة، وتتيح تصوير الموقع نفسه حتى 15 مرة يومياً. ذُكر أن كل قمر من أقمار "WorldView" المستقلة كلف نحو 750 مليون دولار مع الإطلاق، بينما طُورت أقمار "Legion" بكلفة 600 مليون دولار مجتمعة لصغر حجمها وإمكان إطلاقها معاً.
كوكبة "تشوليان-2"
الكورية الجنوبية، المعروفة أيضاً باسم "Geo-KOMPSAT-2"، تضم قمرين فقط لكن بمهام متعددة وموجهة حصراً لشبه
الجزيرة الكورية عبر مدار ثابت بالنسبة للأرض. أُطلق القمران في 2018 و2020 عبر "Arianespace" بعد منافسة "SpaceX"، وتبلغ ميزانية المشروع 655 مليون دولار.
قمر "OCO-2" أو "مرصد الكربون المداري 2" صُمم لقياس ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي عبر مطياف عالي الدقة. بلغت كلفته 465 مليون دولار، مع إنفاق كبير على الإطلاق بعد فشل نسخة سابقة كانت بكلفة 275 مليون دولار. أُطلق إلى مداره عام 2014، ورغم أن عمره المصمم كان عامين، استمر بالعمل، لكن اعتباراً من 2025 أُوقف تمويله وخُطط لإنهاء مهمته بهبوط مُتحكم فيه.
قمر الاتصالات "TerreStar-1" أُطلق عام 2009 لتوفير اتصال خلوي مباشر في كندا عبر مدار متزامن مع الأرض. كلف تصنيعه وحده 500 مليون دولار، وتسببت كلفة الإطلاق بديون كبيرة انتهت بإفلاس الشركة. لاحقاً استحوذت عليه "Dish Network" مقابل 1.375 مليار دولار، وهو رقم يُقدَّم كأقرب تقدير لكلفته الإجمالية، مع الإشارة إلى أنه يوفر الآن إنترنت لاسلكياً عريض النطاق في كندا وانضم إليه لاحقاً "TerreStar-2" في
أوروبا.
قمر "Intelsat 35e" من فئة "EpicNG" أُطلق عام 2017. لم تُعلن كلفته بدقة، لكن ورد أن تصنيع أقمار هذه الفئة يتجاوز 400 مليون دولار مع مبالغ مماثلة للإطلاق إلى المدار المتزامن مع الأرض. صُمم لدى "Boeing Space"، وتحدث النص عن صعوبات الإطلاق وحادثة انفجار "Intelsat 33e" في مداره، قبل أن تنجح "SpaceX" بإطلاق "Intelsat 35e" بصاروخها الأقوى "Falcon 9"، ليصبح محوراً مهماً في بث وترحيل البيانات ضمن أسطول الشركة.
قمر "TDRS-13" هو أحدث قمر ضمن شبكة ناسا لأقمار تتبع ونقل البيانات "TDRS"، وقد بلغت كلفته 421 مليون دولار شاملة التصنيع والإطلاق. واجه تأخيراً بسبب تلف أحد الهوائيات أثناء التصنيع، ثم أُطلق بنجاح إلى مدار متزامن مع الأرض ليتكامل مع بقية أقمار الشبكة. ووفق النص، كان "TDRS-13" آخر قمر يُطلق ضمن هذه الشبكة، مع اتجاه ناسا لإنهاء المهمة بعد توسع قدرات الأقمار التجارية. (bgr)