مع الانتشار الواسع لشبكات الواي فاي، بات الاتصال اللاسلكي جزءًا بديهيًا من الحياة اليومية. إلا أنّ هذه التقنية التي نستخدمها باستمرار تخفي وراءها تفاصيل وأبعادًا تاريخية وتقنية قد لا يعرفها كثيرون خارج الأوساط الهندسية والتكنولوجية.
أصول الواي فاي تعود إلى ستينيات القرن الماضي، حين حاول باحثون في
جامعة هاواي إيجاد وسيلة لتبادل البيانات بين جزر متباعدة، في ظل صعوبة مدّ خطوط الهاتف التقليدية. فابتكروا نظامًا يعتمد على الإرسال عبر الراديو عُرف باسم ALOHAnet، شكّل لاحقًا الأساس التقني لما تطوّر ليصبح الواي فاي بصيغته الحديثة.
ولا تقتصر وظيفة إشارات الواي فاي على نقل البيانات فحسب، إذ يمكن استخدامها أيضًا لتتبّع حركة الأجسام عبر ما يُعرف بتقنية استشعار الوجود، التي تعتمد على رصد التغيّرات في الإشارة عند تحرّك الأشخاص داخل نطاق الشبكة. وتُستخدم هذه التقنية في مجالات مثل الرعاية الصحية والمنازل الذكية، رغم ما تثيره من مخاوف تتعلق بالخصوصية.
وتعمل شبكات الواي فاي ضمن نطاقات ترددية متعددة، أبرزها 2.4 و5 و6 غيغاهرتز، حيث تختلف خصائص كل نطاق من حيث سرعة نقل البيانات ومدى التغطية. فالترددات الأعلى توفّر سرعات أكبر، لكنها أقل قدرة على اختراق الجدران، في حين تمنح الترددات الأدنى تغطية أوسع على حساب السرعة.
في المقابل، لا تخلو هذه التقنية من المخاطر الأمنية، ومن أخطرها ما يُعرف بهجوم "التوأم الشرير"، حيث ينشئ المخترق شبكة وهمية تحمل اسم شبكة حقيقية في مكان عام، ما يدفع المستخدمين للاتصال بها دون علمهم، ويتيح سرقة بياناتهم الشخصية والحساسة.
هكذا، يتبيّن أنّ الواي فاي ليس مجرد وسيلة اتصال، بل تقنية معقّدة ذات تاريخ طويل، واستخدامات متقدمة، ومخاطر تستدعي وعيًا أكبر في التعامل معها.