كتشف باحثون من جامعة "فرجينيا تك" خصائص أساسية جديدة للماء في حالته المتجمدة تمكنهم من استخدامه في تطبيقات صناعية مهمة كإنتاج السبائك ومكافحة الحرائق وتبريد أجزاء في محطات الطاقة النووية.
ففي سبق علمي اكتشف الأستاذ المساعد جوناثان بوريكو وباحث الزمالة مجتبى إدالاتبور من جامعة فرجينيا تك الأميركية خصائص جديدة للجليد تمكنهم من استخدامه في تطبيقات صناعية مهمة.
وأشار الباحثون في ورقة علمية نشرت مؤخرا في دورية "فيزيكال ريفيو فلويدز" (Physical Review Fluids) إلى أنهم وجدوا أن الماء بحالته المتجمدة يسلك سلوكا مشابها لما وصف في ظاهرة تسمى "تأثير لايدن فروست" (Leidenfrost effect)، والتي كانت قد سميت بهذا الاسم نسبة إلى الطبيب الألماني الذي وصفها لأول مرة في بحث نشر عام 1751 أي قبل قرابة قرنين من الزمن.
قطرة ماء على صفيح ساخن
يمكن أن يوجد الماء وفق 3 أشكال رئيسية: مادة صلبة مجمدة، وسائلة، وغازية. وكما نعلم فإنه عندما يتم تطبيق الحرارة على مادة صلبة مجمدة، فإنها تصبح سائلة. وعند تطبيق الحرارة على السائل فإنه يتحول إلى بخار.
ووفق تقرير نشر في موقع "يوريك ألرت" (Eurekalret) فإن سلوك الماء يتبع ظاهرة تسمى "تأثير لايدن فروست" والتي تصف تغير سلوك الماء عندما يكون مصدر الحرارة ساخنا بدرجة تزيد على 100 درجة مئوية (التي تعرف بأنها عتبة الغليان).
وشرح بوريكو هذه الظاهرة بأن قطرة الماء المترسبة على صفيحة ألمنيوم تم تسخينها إلى 150 درجة مئوية أو أعلى؛ لن تغلي عند درجة الحرارة تلك. وبدلا من ذلك، سيحبس البخار الذي يتشكل عندما تقترب القطرة من السطح تحتها، مما يخلق وسادة بخارية تمنع السائل من الاتصال المباشر بالسطح. وتتسبب تلك الوسادة البخارية في رفع قطرة الماء السائلة عن الصفيحة، والانزلاق حول السطح الساخن مثل قرص الهوكي الهوائي.
وتساءل فريق بوريكو عن سلوك الجليد عند وضعه على صفيحة ساخنة بدرجة حرارة تزيد على عتبة غليان الماء؛ هل سيتبع الجليد سلوكا يتوافق مع ظاهرة "تأثير لايدن فروست" أم أنه سيختلف عنها؟
الجليد وتأثير لايدن فروست
بدأ اهتمام بوريكو وفريقه بمدى ارتباط سلوك الجليد بظاهرة "تأثير لايدن فروست" لأول مرة في المختبر منذ حوالي 5 سنوات مضت؛ وذلك في إطار مشروع بحثي للباحث دانيال كوزومانو الذي وجد أنه عندما تم تسخين الألمنيوم لدرجة تزيد على 150 درجة مئوية، لم يرتفع الجليد على البخار كما يفعل السائل.
واستمر كوزومانو في رفع درجة الحرارة ومراقبة سلوك الجليد عند كل عتبة حرارية جديدة. ووجد أن العتبة الحرارية التي يرتفع معها الجليد عن السطح الساخن كانت أعلى بكثير مما هي عليه في الماء حيث وصلت إلى 550 درجة مئوية للجليد مقارنة بـ150 درجة مئوية للماء.
وحسبما أشار البيان الصحفي لجامعة فيرجينيا تك فإنه عقب هذه النتيجة شارك باحث الزمالة مجتبى إدالاتبور في المرحلة التالية من العمل لمعرفة السبب وراء هذا الفارق الكبير بين عتبات الرفع الحرارية ما بين الماء والجليد والذي أدى بدوره إلى إطالة مرحلة الغليان؟
وتبين أن السبب يكمن في اختلاف درجات الحرارة في طبقة المياه الذائبة تحت مكعب الجليد الموضوع على صفيحة ساخنة. إذ تشتمل طبقة المياه الذائبة تحت مكعب الجليد على جزأين مختلفين سفلي وعلوي. حيث يصل الجزء السفلي إلى مرحلة الغليان مما يثبت درجة الحرارة عند 100 درجة مئوية تقريبا، ويلتصق الجزء العلوي منها بالجليد المتبقي مما يثبته عند درجة حرارة مئوية تساوي الصفر تقريبا.
وهكذا خلص الباحثون إلى أن الجليد يتبع ظاهرة تأثير لايدن فروست التي تزيد درجة حرارة الغليان وتحافظ على الماء في حالته المتجمدة عند درجات حرارة عالية تزيد على 100 درجة مئوية؛ الأمر الذي يعني أنه يمكن استخدام الجليد في تطبيقات كثيرة عوضا عن الماء.
ويتوقع بوريكو أيضا إمكانية تسخير نتائج البحث في تطبيقات مكافحة الحرائق، وعلق بقوله "يمكنك أن تتخيل وجود خرطوم مصنوع خصيصا لرش رقائق الثلج عوضا عن نفاثة من الماء، هذا ليس خيالا علميا. لقد زرت شركة طيران لديها نفق ثلجي ولديهم بالفعل هذه التكنولوجيا؛ حيث تقوم فوهة برش جزيئات الجليد بدلا من قطرات الماء".