في ليلة لا تُنسى، ولا تُمحى من الذاكرة، وقف التاريخ احترامًا لنادٍ رفض الاستسلام، قاتل لأجل حلمه، وانتصر عليه. "
باريس سان جيرمان": نادي الأحلام والنكبات، الثراء والدموع... دوّن اسمه في سجل الكبار، ورفع كأس
دوري أبطال أوروبا 2024-2025 لأول مرّة، بعد أن سحق "إنتر
ميلان"
الإيطالي بخماسية نظيفة، في نهائي مجنون على أرض "أليانز أرينا" في ميونخ.
لحظة الانفجار العاطفي.. وبداية الحلم
من الدقيقة 12، فهم العالم أن شيئًا غير اعتيادي يحدث. أشرف حكيمي،
المغربي الذي غادر "إنتر" يومًا ما بحثًا عن مجد
أوروبي، عاد ليُصيبهم في مقتل. هدف أول بمزيج من الثقة والسرعة، أعلن بدء السيمفونية الباريسية. بعده بثماني دقائق فقط، أطلق الفتى الفرنسي اليافع ديزيري دوي "صاروخًا" سكن الشباك، ووجه رسالة صارمة: "
باريس جاء من أجل
أوروبا".
وفي الشوط الثاني، عاد ديزيري دوي ليقود الهجمة ويوقع هدفًا ثالثًا في الدقيقة الـ63 بمساعدة
البرتغالي فيتينيا، قبل أن يخطف الجورجي خفيتشا كفاراتسخيليا الأنفاس بهدف رابع في الدقيقة الـ 73، لينهي اليافع سيني مايولو الحفل بهدف خامس في الدقيقة الـ 87.
ديزيري دوي.. طفلٌ أشعل القارة
لم يكن مجرّد لاعب في نهائي، بل نجم
العرض. بعمر 19 عامًا و362 يومًا، كتب دوي قصة أسطورية: هدفان وصناعة، وأداء نال عليه تقييمًا مذهلًا (9.7/10) من مختلف المنصات العالمية المختصة في إحصاءات
كرة القدم، ليصبح أصغر مَنْ يسجل ويصنع في نهائي الأبطال منذ 1968، بل وأول من يسهم بثلاثة أهداف في النهائي بنظام "التشامبيونزليغ".
دخل قائمة نخبة
فرنسا: كلويفرت، زيدان، بنزيما، ريبيري... واليوم، دوي.
إنريكي.. ما بين التكتيك والخلود
ولنتحدث هنا عن لويس إنريكي. الرجل الذي أتى
إلى باريس وسط شكوك وتهكمات، ردّ في الملعب. أدار النهائي وكأنه مباراة تدريبية. فاز بثلاثية الموسم (الدوري والكأس ودوري الأبطال) للمرّة الثانية في مسيرته، معادلاً رقم المدرّب بيب غوارديولا. وبنسبة فوز 65% في
دوري "الأبطال"، بات المدرّب الأكثر فاعلية في تاريخ البطولة بين من خاضوا 50 مباراة أو أكثر.
الضربة الموجعة لـ "إنتر".. حين تتخلى الروح عن "النيراتزوري"
على الطرف الآخر، بدا "إنتر ميلان" تائهًا، غريبًا، كأنما دخل النهائي صدفة. لم يصنع فرصة خطيرة تُذكر، باستثناء لمحات باريلا وتشالهان أوغلو. كانت الهزيمة الأقسى في تاريخه
الأوروبي، والثانية في نهائي
دوري الأبطال خلال موسمين، بعد خسارة 2023 أمام "
مانشستر سيتي".
والمثير أن هذا الفريق نفسه، الذي أخرج "
برشلونة" من المنافسة وقطف أحلامهم في نسخة الموسم الحالي، ظهر مختلفًا تمامًا عن ذلك الفريق القوي، وكأنما ضاع
بريقه في اللحظة الحاسمة.
فإذًا، ميونخ مدينة الذكريات، صنعت أسطورة جديدة. فمن هناك توّجت أندية مثل "مارسيليا" و"تشيلسي" للمرّة الأولى.. واليوم، "باريس". بات الفريق الفرنسي النادي رقم 24 الذي يرفع "ذات الأذنين".
هذا ليس مجرد فوز.. إنها ولادة نادٍ كبير على منصة الأبطال. "باريس
سان جيرمان"، الذي لطالما اعتبره البعض مشروعًا تجاريًا، أثبت أنه مشروع مجد. ومع جيل شاب يقوده حكيمي، ديمبيلي، دوي، وكفاراتسخيليا... يبدو أن الكأس قد تعود إلى باريس مجددًا، أسرع مما يتوقع الجميع.