شهدت الساعات الماضية أحداثًا دراماتيكية في أروقة نادي "ليفربول" الإنكليزي، وسط توتر غير مسبوق بين إدارة النادي ومدربه الهولندي آرني سلوت، والنجم المصري محمد صلاح. الأزمة بلغت ذروتها مع قرار الإدارة الفنية استبعاد صلاح من قائمة الفريق المسافر إلى إيطاليا لمواجهة "إنتر ميلان" في الجولة السادسة من
دوري أبطال أوروبا، في خطوة وصفت بأنها "تأديبية" بعد التصريحات النارية التي أدلى بها "الفرعون" عقب تعادل الفريق مع "ليدز يونايتد" 3-3 في الدوري الإنكليزي.
بداية الأزمة: من دكة البدلاء إلى التصريحات النارية
انطلقت الشرارة بعد أن جلس محمد صلاح على مقاعد البدلاء للمباراة الثالثة تواليًا، بعد أن شارك فقط في مباراة واحدة خلال آخر ثلاث مواجهات في الدوري الممتاز، وهو ما أثار استياءه بشكل واضح. عقب تعادل "ليدز يونايتد"، خرج صلاح بتصريحات لافتة أمام
وسائل الإعلام، مؤكداً أن علاقته بالمدرب سلوت قد انهارت، وأن هناك من يسعى في الخفاء لإنهاء مسيرته مع "الريدز"، معبراً عن شعوره بـ"الخذلان" من النادي، على الرغم من تاريخيه وإنجازاته الكبيرة. وقال صلاح: "تلقيت الكثير من الوعود هذا الصيف، والآن هذا ثالث لقاء أجلس فيه على الدكة، لذلك لا يمكنني القول إنهم أوفوا بتلك الوعود"، في تصريحات أشعلت النادي وأدت إلى أول قرار انضباطي من الإدارة تجاهه.
قرار الاستبعاد من مواجهة "إنتر ميلان"
وقرر المدير الفني آرني سلوت، بدعم من مجلس إدارة النادي، استبعاد صلاح من القائمة التي سافرت إلى ميلانو لمواجهة "إنتر"، لتكون أول مواجهة يغيب عنها "الملك المصري" في
دوري أبطال
أوروبا هذا الموسم، وجاء هذا بسبب التوتر المتصاعد بين الطرفين، ما يزيد الغموض حول مستقبل صلاح داخل "أنفيلد".
وصلاح الذي سجل هذا الموسم خمسة أهداف فقط في 19 مباراة، رغم مكانته التاريخية في النادي، أصبح في موقف حرج وسط تكهنات قوية حول رحيله في سوق الانتقالات الشتوية المقبلة، حيث ارتبط اسمه بأندية كبرى في الدوري السعودي مثل الهلال والاتحاد، وكذلك بالدوري الأميركي
لكرة القدم.
تاريخ صلاح مع "ليفربول" وأزمة الثقة
النجم المصري خاض 420 مباراة بقميص "ليفربول"، سجل خلالها 250 هدفًا وقدم 116 تمريرة حاسمة، ما يجعله ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. إلا أن التراجع الملحوظ في مستواه الفني، إلى جانب سوء العلاقة مع المدرب، أشعل الأزمات داخل غرفة الملابس. ويبدو أن المناوشات بين صلاح وسلوت لم تبدأ مؤخرًا فقط، بل بدأت مع بداية الموسم بعد رحيل داروين نونيز ولويس دياز، حيث عبّر صلاح عن عدم رضاه عن قرارات الإدارة التي وصفها بأنها لم تحترم الجيل الذي توج بلقب الدوري الإنكليزي.
وبعد قراره، أكد المدرب سلوت في
مؤتمر صحفي مساء أمس الاثنين أنه لا يستبعد عودة صلاح للتشكيلة مجددًا، لكنه أوضح أن التواصل مع اللاعب منذ لقاء "ليدز يونايتد" اقتصر على إبلاغه باستبعاده من رحلة إيطاليا عبر محادثة قصيرة، معبرًا عن دهشته من التصريحات الأخيرة للنجم المصري.
ماذا عن ردود الفعل داخل الفريق والمجتمع الكروي؟
ردود الفعل لم تتأخر، حيث هاجم جيمي كاراغر نجم "ليفربول" الأسبق تصريحات صلاح، واصفًا إياها بأنها "عار"، بينما اكتفى فيرجيل فان دايك قائد الفريق بالقول: "دعوه يتحدث". في المقابل، يأمل "إنتر ميلان"
الإيطالي استغلال هذه الأزمة الداخلية للفريق الإنكليزي للضغط على "ليفربول" وتحقيق نتيجة إيجابية تقربه من التأهل إلى ثمن نهائي
دوري الأبطال. فـ "الريدز" الذي بدأ مشواره في دوري الأبطال بأربعة انتصارات متتالية، يمر بفترة صعبة على صعيد النتائج والمستوى المعنوي، حيث تعادل مرتين في الدوري الممتاز قبل السقوط أمام "آيندهوفن" 1-4 في الجولة الخامسة من المجموعة الموحدة. أما "إنتر"، الذي تأثر بخسارته الأخيرة أمام "أتلتيكو مدريد" 1-2، يسعى للثأر من "ليفربول" بعد مواجهات سابقة في ثمن نهائي دوري الأبطال.
ومع اقتراب مباراة "برايتون" في الدوري الإنكليزي قبل انضمامه لمعسكر منتخب مصر في كأس أمم أفريقيا بالمغرب، بات مستقبل محمد صلاح مع "ليفربول" أكثر غموضًا من أي وقت مضى. تصريحات النجم المصري وتراجع دوره داخل الفريق، إلى جانب استبعاده من مواجهة "إنتر"، تزيد من الاحتمالات القوية لرحيله خلال سوق الانتقالات الشتوية، لتفتح صفحة جديدة في مسيرة لاعب تاريخي قد يغادر "أنفيلد" بعد سنوات من العطاء والإنجازات.