Advertisement

منوعات

جيري غزال حين يلوّن "ببيك اسود"

ربيكا سليمان

|
Lebanon 24
27-10-2015 | 10:36
A-
A+
Doc-P-75045-6367053270368029471280x960.jpg
Doc-P-75045-6367053270368029471280x960.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
فيما تعجّ وسائل التواصل الإجتماعي بالسخافة والرتابة والسطحية، يخطّ قلم، بالحبر الاسود، لوناً مضيئا على صفحات تستحيل بيضاء. يتوّغل هذا الحبر في الاعماق، يدغدغها، يعانقها، يلاعبها، يزيل ما عليها من غبار وضجيج، يرسم كلمات معدودة تُقرأ بلحظة، وبلحظة تعيدك سنوات الى الوراء، حيث حدائق الطفولة، وقد تدفع بك الى الغد، فتنجح في التقاط الحلم ومجالسته. هي صفحة "Bicaswad" على "فيسبوك" حيث ينشر ابن الـ 24 عاما، جيري غزال خواطره وافكاره، باسلوب رقيق ومعبّر. "انا مش هالحدا المهم"، يقول. لكن هذا الشاب، برأي متابعيه، أهمّ من كثيرين. تعترف ميشلين جاويش، احدى المتابعات لصفحته، ان ما "يقترفه" غزال يستحق التوّقف عنده: "غريب كيف انه يرى الأمور بمنظار مختلف، وكيف يقودنا إلى ذواتنا، وكيف تنساب مشاعره دون خجل او تردد". اما "جيسي" فكتبت على صفحته انها "تبكي كلما قرأت ما يكتبه". وكأن هذا الرجل يقرأ ما في قلبها، ويكتب ما عجزت عنه. في "Bicaswad"، حنان وحنين. دعوة الى اكتشاف النعم وتقديرها. دفء عائلة واصدقاء. مرايا للجميع. شغف. اضاءة على القيم والخير. اصوات اطفال يتباهون بجمال "الماما". حوارات مع الله. نقاشات مع الوطن. وكثير من "النوستالجيا" كثير من الصدق وكثير من البراءة. لم يكن يعرف جيري غزال انه "سيتوّرط" في الكتابة إلى حدّ ترك اثراً في النفوس. درس "تصميم الغرافيك" في الجامعة، هو الذي يملك موهبة الرسم. إعتاد على رسم الوجوه، وذات مرّة حين "بالغلط" كتب مقطعاً سرياليا في صفّ اللغة العربية، أدرك أنه هنا في هذا المكان: مع الاحرف حيث لا وجوه وحسب، بل كيانات! وهكذا بدأت الرحلة منذ ثلاث سنوات. بفعل الدعم والتشجيع، صار غزال أكثر جرأة في تموضعه. بدأ بنشر خواطره في "بلوغ"، ثم أسّس صفحة "bicaswad". بيك اسود، لماذا؟ لأنه صودف أن أولى كتاباته كانت ببيك اسود. ثم ان هذا القلم حقيقي، بسيط، موجود في كل مكان. يشبهه! يقول في حديث لـ"لبنان24" انه "كان على علم تام بأن ثمة رسالة عليه تأديتها، واليوم يعرفها وواثق منها". يسعى الشاب الى التأثير في الآخرين وحثّهم على تقدير النعم التي يعيشونها: "نحن نغرق بهذه النعم، فلم لا نراها؟ المصائب والمصاعب تصبح سخيفة حين نحيا بإيمان وإنسانية". يؤكد غزال أنه لا "يتفلسف أو يتفاصح على الآخرين". يُثبت الأسلوب الذي يعتمده في التعبير والكتابة هذا الأمر، فالرجل يتردد في كثير من الأحيان بنشر جملة بسيطة، لمجرد احتمال أن تُحزن او تؤذي متابعاً ما. عفويته اذاً مدروسة، وصدقه يخلو من السلبية. احلى جائزة أو تقدير بالنسبة إليه أن يسمع أحدهم يقول " you made my day"! مرهف الإحساس هو جيري غزال. "متطرف" في مشاعره. لا يجيد ارتداء الأقنعة. ثمة حبال متينة تربط يومياته بطفولته :" نحن أطفال مهما كبرنا أو مهما قمنا "ببرد" تصرفاتنا وتجميلها. نعم، أسعى إلى السكن في عالم البراءة. العالم النظيف النقيّ". ينجح غزال في هذا الأمر. ما يكتبه خير دليل. لا يتطرق إلى المواضيع السياسية، بل يحاكي هموم الناس. ولا يتردد في الصراخ في وجه الوطن وتأنيبه وصفعه بكل ما اوتي من...عشق. في أحيان كثيرة ينهر نفسه: "جيري ما بدا هالقد!". يقرّ بأن "التطرّف" في المشاعر والتفاعل متعب. تطارده هذه الأحاسيس لكنه في نهاية المطاف، يبدو مستمتعاً بهذه الرحلة. أما علاقته مع والديه، فهذه حكاية أخرى :"أنا على ما عليه بفضلهما. هما كل حياتي وشغفي وقلقي واندفاعي". لم يكن من "قدوة" في حياة غزال، إلى أن صار البابا فرنسيس! يعيش بصلاة دائمة، ويحاول التقيّد بمقولة الام تريزا "اذا كنت تريد أن تحكم على الآخرين فلن تجد وقتاً كي تحبهم". يظهر جليّا في ما ينشره على صفحته، أنه بعيد عن إطلاق الأحكام على الآخرين. وقريب جداً من الإنسان، كلّ الإنسان. أحبّ مقطع على قلبه هو ذاك الذي يقول فيه إنه سيصعد يوماً إلى الله ويسأله ويطلب منه تفسيرات وتوضيحات ويسأله..."ويمكن يوصل نهار، واطلع لفوق، واوقف قدامك وانبهر فيك، وافهم كلشي بلا ما تحكي ولا كلمة". يفكر جيري غزال بأن يجمع هذه الكتابات في كتاب، يوماً ما. الشاب يعرف ماذا يريد، تماما كما كان يعرف بأنه سيطلّ عبر الشاشة الصغيرة، ذات يوم. وهذا ما يحصل حالياً، فغزال مقدم برامج في MTV، وسبق أن شارك في إعلانات كثيرة. يؤكد أنه سيواظب على ما يقوم به راهناً، طالما أنه منحاز إلى الحق والخير والقيم. لا يمكن اصلاً لشخص مثله أن يعتزل أو يستقيل أو يتخلّى عن بحره، فقليلون من يسألون بشفافية وصدق : "اذا واحد وجعو وطنو، شو بياخذ؟!"
Advertisement
مواضيع ذات صلة
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك