منحت لجنة جائزة الأديب جان سالمه جائزتها السنوية للعام 2024 للأديب
جورج مغامس لإنجازاته الفكرية الرائدة في احتفال أُقيم في جامعة سيدة اللويزة- ذوق مصبح.
حضر الاحتفال نخبة من أهل الفكر والأدب والفن والإعلام إلى أصدقاء المكرّم وعائلته.
بداية، عزفت ريما مغامس النشيد الوطني اللبناني، ثم ألقت عرّيفة الاحتفال الإعلامية جان دارك أبي ياغي كلمة أشادت فيها بشخصية المكرّم الصحافي والكاتب والناقد والباحث الذي صاغ الحرف بمهارة العارف، والإعلاميّ الذي جعل من صوتِه ومنبرِه ، مِساحة للفكرِ الحرّ، والنقدِ البنّاء. وبين السطور وفي ميادين الإعلام، كان المكرَّم حارسًا أمينًا للذائقة الأدبية، والكرامة الثقافية، لا يهادنُ في الحق، ولا يُجاملُ على حساب الفكرة.
وأشار الدكتور ميشال كعدي الذي ألقى كلمة اللجنة " أنّ الأديب الثقيف جورج مغامس، سَلَكتْ نفسه في ملاك الأبجديّة، والجَلَدِ المعطاء، فكان له الصدارة، والقلم الحُرُّ، الذي يُولمُ لجمال القول والبلاغة، وإِغناء الكلمات، بشهوة الإفصاح، وقرار الذَّوق".
وأضاف:" وَلَكَم أَخالُهُ مأخوذًا في ساحة الأدب والإعلام والفكر، والنَّزفِ المرقوم على نغمات. من أبعادِها البُعدُ والعمقُ والكثافة، والأقوالُ الفِصَاح، والصَّنعة العُلى، من غير تعمُّدٍ، كأنَّه في جَونةٍ، يبيع قلائدَ، وَوُشُحًا، وقواريرَ طيبٍ، حتى تظُنُّ أنَّهُ من بني عبد مناف حَالطي الأَطيابِ، وإذا النَّشوةُ العُلويةُ، تستريحُ على اختيارِ الأَرديةِ، وبطائنِ الديباج".
سلّط القاضي الدكتور غالب غانم الضوء في كلمته على الفرادة والذاتية اللتين عُرف بهما الأدب والشعر في
لبنان، وعلى أنّ جورج مغامس عرف كيف يقرأهما ويحتفي بظهورهما في تراث النهضة والحداثة تمهيدًا لانضمامه شخصيًّا إلى كوكبة المبدعين. وأضاف أنّ ما أطلقه المكرَّم إلى نور الكلمة امتاز بأثوابه البرّاقة المنسوجة نسج اليد، فضلًا عمّا اكتنزه من رؤى وتأملٍّ وتطلّع. ونوّه بمبادراته الرائدة في حقول الإعلام والنشر والتثقيف المعرفيِّ واللغويّ.
وتوقّف الدكتور أمين ألبرت الريحاني عند العلاقة الوجدانيّة بين جورج مغامس ولغته، متوغّلًا في مفرداتها الثريّة وتراكيبها المتدفّقة. وأشار الريحاني إلى التداخل بين القلم والريشة، وبين الريشة والإزميل، مرورًا بوجع الكاتب محوّلًا إيّاه إلى رحاب الأدب الخلّاق، وممعنًا في إكسير "معنى المَعنيّ."
وتحدَّث الشاعر هنري زغيب عن ثلاث نقاط تجمعه بصديقه جورج مغامس: المكان والزمان واللغة. فالمكان يجمعه بالمكرّم في زوق مصبح، البلدة التي شهدت طفولة الشاعر: فيها كان يمضي طفولته، وفيها تعرف للمرة الأُولى باسم الياس أبو شبكة، من كلمة عابرة قالتها جدته حوَّلت مسيرته صوب الشعر. والنقطة الثانية هي اللغة العربية ينحتها أدبًا وشعرًا ويصقلها حتى تنقى من عتقها وما يولد على حفافيها من طفيليات، وهذا دأب المكرَّم. والنقطة الثالثة التي تجمعه بالمكرَّم هي الإيمان بلبنان اللبناني وعلامته الإبداعية بين البلدان.
رسم عبده لبكي، في قصيدة، بالكلمة والصورة والإيقاع، ملامحَ لشخصيّة "جورج مغامس" المُتميّزة، مُستوحيًا أجواء أدبه وسيرته وأسفاره شرقًا وغربًا، وأثره الإعلاميّ ومسيرته التعليميّة، وأبعاد ما كتب إن في حجرة عزلته أو في ميادين المجتمع، فأضاف إلى تراثنا الأدبيّ أدبًا يتجلّى فيه الإبداع بأبهى حلله والقيافة...
تمنّى الشاعر أنطوان رعد على المكرّم أن يبقى مصابًا بشَبق الكتابة، لينعمَ قرّاؤه بروائعه الأدبيّة. ورفع إليه باقةً شعريّة، اختصرت إيمانَه بأسلوبه المميّز في كتابةِ النثر، عملًا بقول عمر أبو ريشة: بعضُ الربيعِ ببعضِ العطرِ يُختصرُ؛ فرأى إليه ثالثَ أمين نخله وسعيد عقل، في الصَّنعةِ.
في كلمته، حيّا المكرّم جورج مغامس مجد الكلمة وتعهّد أن:" عهدًا أثابرُ، ويدي على المحراثِ، ما دامت حُقّةٌ من القيمِ في عنقي، وقُمقمةٌ من الجمالِ في ضلوعي؛ ولن تَفتُرَ همّتي في الشّقعِ والمَدمَكةِ، بلُحمةٍ وسَداةٍ من الفِكَرِ والصّورِ".
وأضاف:" معًا، جميعًا نصفّقُ، لمجدِ الكلمةِ، تَعلو، ولا تَعلو عليها، لا سَفاهةُ فاجرٍ تاجرٍ يرابي حتّى بفَلسِ الأرملةِ بالنّفَسِ، ولا تفاهةُ الأتباعِ والأجراءِ في هذه وتلك من مِنصّاتِ القيلِ والقالِ.
إنّ الكلمةَ الكلمةَ قدسُ الأقداسِ في ماهيّةِ إنسانيّةِ الإنسانِ. هي الملحُ الخميرةُ حبّةُ الخردلِ. فلا ولا، لن تقوى عليها جَمهرةُ قوّاتِ الظّلمِ والظّلامِ، ولا زُمَرُ الجِراءِ..."
بعد الكلمات، قدّمت رئيسة اللجنة السيدة جاكلين سالمه درعًا تكريميًا للأديب جورج مغامس، كما قدّم له
نائب رئيس الجامعة الأب بيار غصوب البركة الرسولية التي منحه إياها البطريرك
مار بشاره بطرس الراعي تقديرًا لعطائه الفكري والأدبي في خدمة الحقيقة والجمال، وقدّم له رئيس بلدية ذوق مصبح
إيلي توفيق صابر درعًا تكريمية بدوره، قدّم المكرّم كتابه الجديد " يوم سرقوا رمحَ الخضر" لأعضاء اللجنة وللمنتدين وللحضور، كما قدّمت الإعلامية جان دارك أبي ياغي مجموعة الأديب الراحل جوزف مهنا للمكرَّم ولكل من شارك في تكريمه.
وتخلل الحفل تجليات نغمية مع الدكتورة مارلين يونس ورقص تعبيري من الطفلة غايا شوشاني مهداة إلى جدِّها المكرَّم.