"حسیت حالي رجعت طفلة صغیرة"... هكذا علّقت الجدة شیرین التي استرجعت وابلاً من ذكریات طفولتها أثناء مداعبتها الأطفال الصغار في مركز Dent De Lait، قادمة من مركز "موقدیة" المتخصص في العنایة بكبار السن.
زیارة شیرین لمركز الأطفال كانت مفاجأة لهم، فاللقاء الذي هدف إلى دمج فریقین من الأطفال والمسنین، لم یكن إلّا الثمرة الأولى التي أنجبتها مبادرة "GOLD" التي خرجت من رحم كلیة الطب في "الجامعة الأمیركیة في بیروت".
الجزء الأوّل من هذه المبادرة والذي حمل عنوان "mini maxi" أي "صغیر كبیر"، هو الأوّل من نوعه في الشرق الأوسط، فدراسات أمیركیة عدة أثبتت أنّ هذا النوع من النشاطات یعود بالفائدة على الفریقین المشاركین على حدّ سواء، حیث یتعلم الأطفال معاني سامیة كروح المشاركة وتقبل الآخر وتقدیر المسن، وفي المقابل تحیي لدى الأخیر الشعور بالأمل والقدرة على البقاء كفرد فعال في المجتمع.
وعلى الرغم من الأوضاع الإقتصادیة والإجتماعیة التي یمر بها لبنان، وما ینتج عن ذلك من ضغوط نفسیة كبیرة على المواطنین، یبقى المسنون هم الحلقة الأضعف، لذلك ما كانت هذه المبادرة التي طرحتها طالبة كلیة الطب أسیل نحلاوي إلّا اللبنة الأولى في رحلتها نحو "إعادة بناءً الثقة والأمل لدى هذه الفئة المنسیة من قبل الدولة في لبنان".
وتشیر نحلاوي الى أنها اختارت اسم "GOLD" أي "ذهب" لمبادرتها، "تعظیما وتكریما لدور هؤلاء المسنین الذین كانوا یوما عصب هذا المجتمع"، مشیرة الى أن "هذه الفئة في لبنان محرومة من أبسط حقوقها المتمثلة بضمان الشیخوخة"، متسائلة عمن "سیهتم بهؤلاء المسنین في هذا الوقت العصیب الذي نمر به في لبنان".
"تحمل المبادرة شقین إجتماعي وطبي" بحسب نحلاوي، التي أكدت على "ضرورة إیلاء هذه الفئة الإهتمام الكافي نظرا للتحدیات التي یواجهها المسن على الصعیدین النفسي والجسدي"، كما وشجعت على "الإستفادة من خبرات هذه الفئة وتعزیز دورها في المجتمع ما سیصب في تحسین صحتها النفسیة عوضا عن الشعور بأنّها عبئ على المجتمع وأن دورها قد انتهى".
أمّا في الشق الطبي فكشفت الطالبة العشرینیة عن "عیادة طبیة مجانیة" ستنطلق مطلع العام الجدید بدعم من "مستشفى الجامعة الأمیركیة في بیروت" وبمشاركة أطباء متطوعین، من أجل الكشف على الصحة الجسدیة والنفسیة لكبار السن، على أن یكون التنسیق مع عدد من الجمعیات الأهلیة التي تعنى بـ "كبار المجتمع".