يسود اعتقاد في المجتمع بأنّ ليلة الزفاف الأولى تطغى عليها الحميمية والرومنسية والحبّ، ولكن في الحقيقة هناك عدد من الأزواج يمارس العلاقة الحميمة في هذه الليلة، في حين ينتظر آخرون لياليَ أخرى مقبلة. أمّا بالنسبة للعروسين، فمنهم مَن تشكّل هذه الليلة تجربتَهم الأولى في ممارسة الجنس، بينما يصل غيرُهم إلى هذه الليلة وفي رصيدهم تجارب عديدة عابرة أو علاقة جمعَتهم بحبيب سابق أو بشريكهم الحالي قبل الزواج منه. تؤكّد الإحصاءات أنّ أزواجاً كثيرين لا يمارسون الحبّ ليلة الزفاف. وتكشف نتائج استطلاع رأيٍ أجرِيَ في فرنسا عبر الإنترنت أنّ 70 في المئة من الأزواج الفرنسيين لم يمارسوا العلاقة الحميمة بعد العرس مباشرةً.
وبالنسبة للأميركيين، فتشير نتائج الإحصاءات إلى أنّ أكثر من نصف الأميركيين استفادوا من ليلة الزفاف الأولى لممارسة الحب، فيما اعترفَ 39 في المئة منهم بخلودهم إلى النوم دون جماع، كما أعلنَ 9 في المئة بأنّهم لا يتذكّرون هذه الليلة.
لماذا النوم؟
إذا أحجَم معظم الأزواج الفرنسيين وعددٌ كبير من الأميركيين عن الجماع ليلة العرس، ربّما لأنّ السواد الأعظم منهم قد مارسوا هذه العلاقة مع الشريك قبل الزواج، فلم ينتظروا بفارغ الصبر والقلق هذه "الليلة الأولى"، ما سَهّل عليهم النوم غير آبهين بفرادة اللحظة، فهي بالنسبة إليهم ليلة روتينية بعد يوم مميّز، كرّسَ ارتباطهم بالشريك رسمياً.
كما أنّ الشريكين، وعقبَ مراسم الزفاف الشاقة، قد يستغنمان الفرصة للخلود إلى النوم والراحة دون الاستمتاع بوهجِ الحبّ، رضوخاً أمام الإرهاق، فيؤجّلون ممارسة العلاقة إلى اليوم التالي.
ليلة الزواج في لبنان
وعلى رغم عدم وجود إحصاءات واضحة في لبنان تحدّد كيفية تمضية الأزواج الجُدد ليلتَهم الأولى بعد العرس، إلّا أنّ الأسباب الكامنة وراء عدم ممارسة الغربيين للعلاقة الجنسية، تنطبق على الوضع في لبنان.
فإذا كانت مراسم الزواج ترهق الأوروبّيين، من المؤكّد أنّها متعبة وشاقة أكثر بكثير في لبنان، خصوصاً أنّها تتخطّى الأوروبّية ضخامةً بأشواط. فيوم الزفاف اللبناني الطويل يبدأ عادةً بجلسة تصوير يقوم بها العروسان باكراً في إحدى الحدائق المجاورة، وتنتهي بعد منتصف الليل عقبَ مغادرة المدعوّين وانتهاء العشاء الاحتفالي.
ويتخلّل هذا النهار اهتمام العروسين "ببَرزتهما" وخصوصاً العروس، واستقبال رسمي للمدعوّين في منزل كلٍّ مِن العروسين، وطبعاً المراسم الدينية. لذا لا بدّ أنّ الإرهاق في مجتمعنا يغلب الزوجين في هذه الليلة.
ولكنّ عدم ممارسة العلاقة الحميمة في ليلة الزفاف الأولى لا يَعني أنْ لا نكهة لها، فعددٌ كبير من الأزواج الذين شَملتهم الإحصاءات يؤكّدون أنّهم لم يندموا على خلودهم للنوم مباشرةً في تلك الليلة، لأنّ يوم الزفاف الساحر وفرَحهم بإتمام حفلٍ جميل ومميّز يَكفيهم ويَمنحهم شعوراً بالرضى.
وتؤكّد لميس، البالغة من العمر 30 عاماً، لـ"الجمهورية" وهي مُدرّسة، أنّها لم ترضَ بممارسة العلاقة الجنسية مع زوجها قبل الزواج، "على رغم محاولته بلباقة وأكثر من مرّة حثّي على ذلك، إلّا أنّ التربية الشرقية التي تلقّنتُها من أهلي والمجتمع الكاثوليكي المحافظ منعَتني من كسر هذا الحاجز".
وتضيف: "مجتمعُنا لا يتقبّل هذه الفكرة ويُدين الفتاة التي تجرؤ على تخطّي التابوهات الجنسية". وتَلفت لميس إلى أنّ "المرأة المتحرّرة من القيود الاجتماعية لا تُقدّر من قبَل شريكها، وتعيش بخوف انفضاح أمرها في المجتمع أو تركه لها. فالرَجل الشرقي لا يأخذ بالاعتبار أنّ للفتاة حاجات عاطفية تضاهي حاجاته، بل يرى فيها فريسةً، إذا تمكّنَ من النَيل منها وحصوله على مبتغاه الجسدي قبل الزواج ترَكها وعيَّرها بالسيّئة".
ولكنّ لميس تدرك جيّداً أنّ التزامها بمبادئها أوصَلها إلى ليلة الزفاف دون خبرة تُذكر في هذا المجال، بينما يتمتّع زوجُها بخبرة عالية وبممارسات جنسية شتّى، وتكشف: "خوفي من الليلة الأولى ومن نقص خبرتي مقابل خبرته العالية جعَلني أطلب من زوجي تأجيلَ ممارسة العلاقة إلى يوم آخر، فهذه التجربة ليست روتينية في حياتي ولم أشـأ خوضَها منهَكةَ القوى بعد يوم متعِب".
مِن المؤكّد أنّ تأخُّرَ سنّ الزواج بسبب الأحوال الاقتصادية السيّئة وغلاء أسعار الشقق من جهة، ورغبة الشباب والشابّات في الاستفادة من حياتهم وعيش عزوبيتهم من جهة أخرى، بالإضافة إلى انفتاح مجتمعنا على الغرب بشكل مفرط تمكّن من كسر التقاليد وجعَل العديد من الفتيات أكثر رغبةً في خوض المغامرات العاطفية والجنسية قبل الزواج.
وقد بات واضحاً أنّ كلّ الفتيات في لبنان لسنَ كلميس، وخصوصاً المراهقات منهنّ، فعلى غرار الغرب لم يعُدن ينتظرن ليلة الزفاف الأولى لعيشِ الحبّ أو الرغبات الجسَدية إلى أبعد الحدود بل بِتن يتخطّين كلَّ التقاليد الاجتماعية والتعاليم الدينية غير آبهين.
ويرى روني في حديثه لـ"الجمهورية"، وهو مهندس في الرابعة والثلاثين من العمر متزوّج وأبٌ لطفلة، أنّ "العملية الجنسية في الليلة الأولى بعد الزواج ممارسةٌ تخطّاها الزمن. فالفتاة في لبنان، برأيي، لم تعُد تنتظر هذه الليلة لتتذوّقَ معنى الحبّ، ووجود فتاة عذراء في المجتمع لم يعُد رائجاً بل نادراً".
المرّة الأولى
وبغَضّ النظر إنْ قامَ الرجل بعملية الجماع الأولى مع عذراء قبل الزواج أو بَعده، فهذه العملية قد تكون صعبة وشاقّة، وقد لا تكون كذلك. ونُشِرت مئات الصفحات من النصائح والتحذيرات للرجال عمّا يجب أن يفعلوه ولا يفعلوه في الليلة الأولى مع حبيبة عذراء، ولم تؤدّ إلّا إلى تعقيد الكثير من الرجال والفتيات.
ويكفي أن يتمتّع الرجل بالرقّة اللامتناهية وضبط النفس في هذه الليلة، وبألّا يقربَ عروسه إلّا بعد مداعبتِها فترةً طويلة من الوقت وإدخال الطمأنينة التامّة إلى نفسها، والتأكّد التامّ من أنّها أصبحت راغبةً في العملية الجنسية. أمّا إذا لم تتمّ تهيئتها كذلك في الليلة الأولى فلا بدّ من انتظار ليالٍ أخرى.
وتُنصَح الفتاة بتخطّي كلّ آثار الأوهام والمخاوف المتعلّقة بهذه الليلة، وأن تحاول الاستغراق بلذّة في عملية الحبّ الأولى، متعاونةً فيها مع حبيبها قدر الإمكان. وإذا لم تتيسّر العملية دون ألمٍ شديد، فإنّه يجب أن تتوقّف حتّى يزيل الطبيب المختصّ غشاءَ البكارة أو يُجري عملية جراحية بسيطة للمرأة.
الحبّ والدم
وتؤكّد معتقدات خاطئة في المجتمع، خصوصاً في صفوف كبار السنّ، أنّ وجود الدم في الليلة الأولى دليلٌ قاطع على أنّ الفتاة عذراء، فيما عدمُ وجوده يَطرح علامات الاستفهام حول علاقاتها السابقة.
علماً أنّ الولوج الأوّل في كثير من العذارى يتمّ دون تمزيق مؤلم للغشاء ودون نزفِ دماء. ولا يدلّ هذا في أيّ حال من الأحوال على أنّ العروس ليست بكراً. كما أنّ وجود غشاء غير ممزّق ليس دليلاً ثابتاً على أنّ الفتاة بكر عذراء. وكم مِن امرأة لجَأت إلى عمليات تقطيب غشاء البكارة خوفاً من نظرة الزوج وكلام الناس.
(سابين الحاج - الجمهورية)