تعيش الفنانة المغربية راوية حالة احتفاء استثنائية في الآونة الأخيرة، تتويجًا لمسيرة فنية امتدت لما يقارب نصف قرن، قدّمت خلالها أكثر من خمسين عملًا تنوّعت بين المسرح والسينما والدراما التلفزيونية، وأسهمت في رسم ملامح أساسية من زمن الفن
المغربي في مرحلته الذهبية.
وتعدّدت محطات تكريم الفنانة في الآونة الأخيرة، وكان أبرزها تكريمها ضمن
الدورة الحالية من مهرجان الفيلم الدولي في مراكش، في لحظة إنسانية مؤثرة اختلطت فيها الدموع بالزغاريد، والغناء بالرقص، تعبيرًا عن محبة استثنائية يكنّها لها الجمهور لفنانة من طراز خاص.
راوية، واسمها الحقيقي فاطمة هراندي، وُلدت سنة 1951 في مدينة أزمور الساحلية، ولفتت الأنظار بموهبتها الفطرية منذ الطفولة والمراهقة، ما دفعها إلى دخول عالم المسرح بقوة في سبعينيات القرن الماضي، لتصبح واحدة من أبرز وجوهه في تلك المرحلة.
وكشفت في تصريحات إعلامية أنها عملت مع فرقتي "المعمورة" و"القناع الصغير"، قبل أن تكتشف صعوبة تأمين متطلبات الحياة من الفن وحده، رغم ممارسته بوصفه رسالة وشغفًا. فاتجهت إلى العمل في الوظيفة الحكومية داخل
وزارة الصحة، وكانت تخصّص جزءًا من راتبها لدعم مشاركاتها المسرحية.
ومع بداية التسعينيات، انتقلت بقوة إلى عالم السينما والدراما التلفزيونية، وقدّمت مجموعة من أبرز الأعمال المغربية، من بينها: "كازا نيغرا"، "العيون الجافة"، "مسافة ميل بحذائي"، "رضا الوالدة"، "الحاجّات"، "منديل
صفية"، "جبروت"، و"موسم جاف".
وتُعدّ راوية حالة فنية شديدة الخصوصية في المشهد المغربي، كونها تمثل صوت الأصالة ورمزًا لجيل آمن بدور الفن بوصفه أداة للوعي والتغيير ونشر قيم الاستنارة، إلى جانب وظيفته الترفيهية، ما جعل مسيرتها تحمل بعدًا ثقافيًا وإنسانيًا يتجاوز حدود الشهرة.