من الطبيعي والصحي أن ترسم الفتاة صورة معينة لفارس أحلامها. وعادي وطبيعي أيضاً أنه عندما تصبح الفرصة مواتية لذلك، ويأتي من يخطبها، تبدأ الانتقادات والتوجيهات تُلقى على مسامعها بداعي حب الخير والحرص عليها.
وإذا لم يكن الخطيب متناغماً مع رؤية أسرتها، فإن انتقاداتهم تصبح مخلوطة من حيث الانتقاص منه ومن مستواه الاجتماعي ووضعه الاقتصادي، متغافلين قرارها بأحقية اختياره على الأقل؛ لأنها هي مَن ستتزوجه.
وفي المقابل يصبح الأنسب، ومواصفاته متطابقة لمعاييرهم، بعيداً عن معايير ابنتهم، إذا انسجم مع أهوائهم.
ثقافة فجوة الأجيال
يشير استشاري الصحة النفسية الدكتور عبد الفتاح الأحمد إلى أنّ "هذه المشكلة الواسعة الانتشار، تبدأ من قناعة الأهل دوماً أن حكمهم على الشاب صائب ويصبّ في مصلحة ابنتهم، لخبرتهم الكبرى في انتقاء الرجل الأنسب لها؛ فهي تبقى في نظرهم صغيرة مهما نضُجت، "هي ثقافة فجوة الأجيال"، كما قال.
ولذلك، يحدث صراع قد لا يتوقف بين الفتاة وأسرتها، من حيث اقتناعها ورغبتها بالشاب، في الوقت الذي يرونه غير مناسب لعدم انسجامه مع معاييرهم وأهوائهم.
أحد أسباب الطلاق
إلى ذلك، يعتبر الأحد أن أحد أسباب وقوع حالات الطلاق الكثيرة، هي إقناع الفتاة بالشاب والتغزُّل بصفاته، دون الالتفات إلى رأيها، خشية انسياقها وراء عواطفها.
وينتج عن تغافل حكمها الشخصي عليه، اضطرارها للقبول به إرضاءً لهم، ومن ثم نشوب الخلافات ثم الانفصال، كما رأى الأحمد.
عاقبة للطرفيْن
في الواقع، الأمر مؤذٍ للطرفيْن، نفسياً واجتماعياً، بحسب الأخصائي؛ فالأذى لا يمسّ طرفاً دون الآخر، لأن الحياة الزوجية متعددة الأركان؛ ومن أهم أركانها وجود الحب، والتفاهم، والألفة، والاحترام. فإن لم يُبنَ الزواج على المشاعر والسلام الداخلي بكل المقاييس، فنهايته الفشل حتماً.
وإن لم يكن كذلك، ستُلقي باللَّوم على أسرتها وتحمّلهم مسؤولية تعاستها ومتاعبها النفسية من وراء اختيارهم.
ويخلص الأحمد إلى تعظيم أهمية أن يكون قرار الأسرة مبنيّاً على قناعتهم بجديّة الشاب في الارتباط بابنتهم، وأنه الأنسب للعيش معها، بحيث لا يكونون عثَرة أمام مسار حياتها يوماً ما.