أرست هيئة الأركان العامة الأوكرانية نموذجًا رائعًا للمخططين العسكريين في أوروبا. فبحسب صحيفة "ذا تليغراف" البريطانية، "فأنشطتها منهجية ومهنية ومنضبطة. لم يتمكن الروس يوماً من فهمهم للتصميم العملياتي في ساحة المعركة والأمن التشغيلي. لذلك يمكننا أن نستنتج بأمان أنه باستخدام الأسلحة المناسبة، يمكن لأوكرانيا أن تمنع اختراقًا روسيًا كبيرًا في أي مكان تقريبًا في ساحة المعركة. ولكن أكثر من ذلك ، يمكن لأوكرانيا استعادة شبه جزيرة القرم في خلال هذا العام".
وتابعت الصحيفة، "في الوقت الحالي، يبدو أن كييف تقوم ببناء قوة مدرعة، بحجم فرقة أو أكبر، تكون على استعداد لتشكيل اختراق للمرحلة الهجومية الرئيسية التالية من الحملة. ومن المتوقع أنهم قد يتمكنون من القيام بذلك في غضون شهرين، على الأرجح ثلاثة اشهر . سيتم بناء هذه القوة في الغالب حول الدروع الأوكرانية التي يمتلكونها بالفعل أو التي استولوا عليها. بالطبع، ستوفر الدبابات الغربية ميزة قاتلة إضافية، حتى لو كانت الأرقام الموعودة أقل بكثير مما هو مطلوب. لكن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وجه انتباهه الآن إلى الصواريخ الدقيقة البعيدة المدى، والتي يعرف أنها ستكون حاسمة في الجهود المبذولة لتحرير شبه جزيرة القرم. كما ويمكن استخدامها لعزل شبه الجزيرة، مما يسمح لقواته بمهاجمة المنشآت الروسية المكشوفة".
وأضافت الصحيفة، "هذا هو المكان الذي تواجه فيه الإستراتيجية الغربية أكبر مشاكلها، حيث أنها لم تقرر بعد ما إذا كانت ستؤيد سياسة زيلينسكي بشأن شبه جزيرة القرم في المقام الأول. يجب أن تكون الإجابة واضحة، لأنه من دون استعادة شبه جزيرة القرم، يكاد يكون من المستحيل بالنسبة لأوكرانيا أن تكسب هذه الحرب. وطالما أنه لا يزال للرئيس الروسي فلاديمير بوتين موطئ قدم في الأراضي الأوكرانية، فسيظل دائمًا قادرًا على التلاعب بالمجتمع والاقتصاد في أوكرانيا. ببساطة، هل يريد الغرب، ومعه الولايات المتحدة، أن تفوز أوكرانيا أم لا؟"
بحسب الصحيفة، "للأسف، يبدو أن مسؤولي البنتاغون، مثل كولن كال، وكيل وزارة الدفاع للسياسة، مشوشون. يجب تذكيرهم بأن أوكرانيا أظهرت بالفعل قدرتها على عزل شبه جزيرة القرم بطريقة منضبطة. على سبيل المثال، تعرض أفضل خط أرضي روسي معروف للاتصالات (LOC) في شبه جزيرة القرم، والذي يمر عبر جسر كيرتش، لأضرار جسيمة منذ شهور ولن يتم إصلاحه بالكامل قبل الربيع. من المتوقع أن يحاول الأوكرانيون ضمان عدم إصلاحه بالكامل. وتستهدف القوات الأوكرانية أيضًا المنطقة البرية الرئيسية الأخرى - ما يسمى بـ "الجسر البري" بين شبه جزيرة القرم وروستوف. هذان هما الموقعان الوحيدان اللذان يربطان شبه جزيرة القرم بروسيا. كلاهما ضعيف بشكل واضح. يمكن لأوكرانيا تدميرهما بسهولة في غضون أسابيع، ولكن فقط إذا تم إرسال الصواريخ البعيدة المدى الأكثر تطوراً".
وتابعت الصحيفة، "يمكن بسهولة توفير نظام الصواريخ التكتيكية للجيش الأميركي (ATACMS)، على سبيل المثال، والذي من شأنه أن يحسن بشكل كبير من قدرة القوات الأوكرانية على ضرب الجسر البري الروسي، وضرب معابر الأنهر، والمراكز اللوجستية، ووصلات السكك الحديدية، والمقار، ومواقع القوات، ومواقع تخزين الذخيرة. يمكن، إلى جانب هذه الصواريخ ، ارسال مسيرات مسلحة من طراز Gray Eagle وقنابل صغيرة القطر (SDB) تُطلق من الأرض. ومن ثم هناك القدرة على ضرب أهداف معرضة للخطر في شبه جزيرة القرم، بما في ذلك القاعدة البحرية الروسية في سيفاستوبول، والمركز اللوجستي الرئيسي في دزهانكوي وقاعدة ساكي الجوية. وبالطبع، ستضمن الصواريخ عينها عدم قدرة روسيا على إعادة بناء جسر كيرتش".
وأضافت الصحيفة، "لكن كال قال إن إرسال ATACMS هو "جهد لا يستحق العناء". هذا هو النهج المتشائم عينه الذي أخّر إرسال معدات رئيسية أخرى، مثل أنظمة باتريوت، قبل عدة أشهر. إنه أيضًا النهج الذي تم اتباعه في الأصل لإرسال دبابات أبرامز، والذي تم عكسه لحسن الحظ قبل أيام. مرارا وتكرارا، كان تشاؤم البنتاغون خاطئا، ومع ذلك فهو مستمر. إذا لم نتمكن حقًا من إرسال الصواريخ البعيدة المدى التي يحتاجها زيلينسك ، فإننا نقدم بيانًا سيئًا عن النوايا: أننا لا نعتقد أن القرم جاهزة للاستيلاء عليها. وهذا سيجعل كل الدعم الغربي مسهباً".
وختمت الصحيفة، "في أعقاب عام 2014، صرح الغرب بأن القرم أوكرانية لكنه فشل في القيام بما يكفي لمنع غزو بوتين واسع النطاق. من واجبنا الآن تصحيح الأمر ، لأنه، على الرغم من كل الخطاب اللطيف من القادة الغربيين، لا يوجد نصر لكييف - أو الناتو - بدون تحرير شبه جزيرة القرم".