بعدما ضربت أمواج الفيضانات العاتية مدينة درنة الليبية قبل نحو أسبوعين إثر الإعصار دانيال، فرضت قوات شرق ليبيا التي تسيطر على المدينة إجراءات أمنية مشددة، وبوجه خاص أمام المساعدات وفرق الإنقاذ القادمة من غرب ليبيا ما تسبب في تأخر تقديم المساعدات لمنكوبي الفيضانات.
ولاتزال الحصيلة الفعلية لضحايا الفيضانات التي عصفت بمدينة درنة الليبية مطلع الأسبوع الماضي غير معروفة حتى الآن.
ويتحدث مسؤولون في حكومة الوحدة الوطنية التي تعمل من شرق ليبيا عن نحو 4 آلاف قتيل وأكثر من 20 ألف مفقود، وتتوقع منظمات دولية أن ترتفع هذه الحصيلة بعدما جرفت الأمواج عددا غير معروف من الضحايا إلى البحر.
وقد وصفت موظفة الإغاثة بالهلال الأحمر الليبي الأيام الأولى للكارثة بالـ "فوضوية"، حيث بدا أن "رجال الجيش الليبي لا يملكون الخبرة الميدانية الكافية للتعامل مع أزمة بهذا الحجم" وفي الوقت نفسه لا يسمحون لهيئات أخرى بالعمل أو للمواد الإغاثية بالدخول للمدينة دون موافقتهم".
وقالت بعد الكارثة تعالت نداءات الاستغاثة من الناجين، فخرجت آلاف القوافل التي تحمل مواد إغاثية من الغرب للمساعدة، إلا أن هذا التضامن اصطدم بالقيود الأمنية التي خلقتها الاختلافات السياسية. وقد تعرضت قوافل المساعدات المرسلة من الغرب للتفتيش الدقيق الممتد لساعات أو حتى أيام "بحثا عن أسلحة يُخشى تهريبها للمدينة" من قبل قوات الجيش بحسب الشهادات التي حصلنا عليها".
بدوره، تحدث عبد المنعم خريشة، أحد قادة قوافل مساعدة جاءوا من الغرب الليبي، بفخر شديد عن كميات المواد الإغاثية التي استطاع جمعها من طرابلس غربي ليبيا. وقال: "استوقفنا رجال الجيش الليبي قبل مداخل المدينة، وأخذوا منا المواد التي كنا نحملها".
تجمع قوات شرق ليبيا، المسؤولة عن أمن المدينة، المواد الإغاثية من القوافل القادمة من الغرب، ويتم تخزينها في مخزنين بمدينتي بنغازي والمرج، حسب خريشة.
تخضع المواد الإغاثية لعمليات تفتيش دقيق قد تستغرق ساعات أو أيام من قبل الجيش مما قد يعطل توزيعها.
ويناشد خريشة الجيش الليبي بفتح المجال أمام المنظمات الأهلية "صاحبة الخبرة الميدانية" للمساعدة في إنقاذ أهالي درنة.
تحدثت بي بي سي كذلك لمتطوع كان قادما ضمن قافلة مساعدات من مدينة الزاوية غربي البلاد، لم يستطع كذلك الدخول للمدينة فاختار طريقا آخر.
يقول المتطوع: "مُنعنا من الدخول للجانب الشرقي من المدينة يوم الثلاثاء، بعد يومين من الإعصار، فاخترنا التوجه لمدينة طبرق المجاورة حيث تنزح العائلات من درنة لتوزيع المساعدات التي نحملها".
المتطوع الذي رفض كذلك ذكر اسمه خوفا من الملاحقة قال إن عددا كبيرا من الحاويات التي كانت تحمل موادا إغاثية اصطفت لساعات طويلة على مداخل المدينة تنتظر الدخول خلال الأيام الأولى التي تلت الفيضانات. (BBC عربي)