أسفر الهجوم الأوكراني المضاد، ونحن على بعد أسابيع فقط من الأمطار الخريفية والتي من شأنها أن تحول السهول إلى طين، عن نتائج مخيبة للآمال.
وبحسب صحيفة "The Hill" الأميركية، "حققت القوات الأوكرانية مكاسب محلية محدودة في تقدمها نحو ميليتوبول، لكنها فشلت في قطع الجسر البري الروسي إلى شبه جزيرة القرم. إن الطقس المقبل سيؤدي إلى توقف العمليات الواسعة النطاق. وخلافاً للاعتقاد السائد، فإن الطين وليس الثلج هو الذي أوقف الغزو الألماني للاتحاد السوفييتي في عام 1941، تماماً كما سيوقف الهجوم الأوكراني. بدءاً من منتصف شهر تشرين الأول، تساهم الأمطار الغزيرة في خلق ما يسميه الروس بـ "راسبوتيستا"، أي عندما تتحول الحقول إلى مستنقعات يتعذر عبورها بالمركبات الثقيلة".
وتابعت الصحيفة، "هناك عوامل عديدة تفسر افتقار أوكرانيا إلى التقدم المخيب للآمال، وتشير جميعها إلى احتمال استمرار الجمود لفترة طويلة. أولاً، تشن روسيا الآن نوع الحرب الذي يعتبر جيشها مجهزاً بشكل أفضل لخوضه. إن الجيش الروسي لديه عدد قليل جدًا من الأشخاص الذين يقدمون الدعم اللوجستي لقوات الخطوط الأمامية، مما جعل من الصعب الحفاظ على التقدم السريع في كييف والذي فشل فشلاً ذريعًا في ربيع عام 2021. لكن هذا الضعف لا يعيق العمليات الدفاعية. فكان لدى الروس متسع من الوقت لإعداد خطوط دفاعية متعددة مدعومة بحقول الألغام المتفجرة ومواقع الأسلحة وبناء مخزونات من الذخائر بالقرب من الجبهة. إن تفوق الجيش الروسي في الطائرات والصواريخ والمدفعية سمح له بمعاقبة المهاجمين وتدمير البنية التحتية في عمق أوكرانيا. في الواقع، يبدو الصراع الآن أشبه بالحرب العالمية الأولى".
وأضافت الصحيفة، "ثانياً، شنت القوات الأوكرانية حملة أقل فعالية مما كان من الممكن أن تفعله، كما وكانوا بطيئين في تبني ما اكتشفه البروسيون في القرن التاسع عشر: التكتيكات القائمة على المهمة والتي تشجع الضباط على أخذ زمام المبادرة، واستغلال الفرص التكتيكية. في الواقع، لقد تم إحراز تقدم في معالجة هذا الضعف ولكن ليس بالسرعة الكافية لتحقيق نتائج حاسمة. كما انتقد المحللون الأميركيون أوكرانيا لسوء تخصيص الموارد وتحويل القوات والمعدات إلى جبهة باخموت الأقل أهمية بكثير".
وتابعت الصحيفة، "قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للأمم المتحدة إن تقديم المزيد من المساعدات العسكرية أمر بالغ الأهمية لهزيمة روسيا. من المؤكد أن المزيد من المعدات الأفضل سيساعد أوكرانيا على مواصلة الحرب، لكنه ربما لن يقرر النتيجة. ورغم أن أوكرانيا لا تواجه خطراً مباشراً يتمثل في خسارة الحرب، فإنها قد لا تكون قادرة على الفوز بها أيضاً، وخاصة إذا كان الفوز يعني تحرير كل الأراضي المفقودة. ومن الواضح أن الأوكرانيين لا يستطيعون أن ينتصروا في حرب استنزاف ضد دولة أكبر بكثير تتمتع بثروة وسكان وموارد أكبر بكثير".
ورأت الصحيفة أنه "ما لم تحقق أوكرانيا انتصاراً كبيراً في ساحة المعركة، وهو الأمر الذي يبدو غير مرجح، فسوف يتطلب الأمر تغييراً عميقاً في المواقف الروسية لتحويل دفة الأمور لصالح أوكرانيا، إلا أن كل المؤشرات تشير إلى أن ذلك لن يحدث، خاصة وأن الحرب لا تزال تحظى بالدعم الشعبي الروسي. لقد خفف الكرملين من آثار العقوبات الغربية من خلال زيادة تجارته بشكل كبير مع الصين والهند وتركيا، كما وتقوم إيران بتزويد الجيش الروسي بطائرات مسيّرة، وقد تزوده كوريا الشمالية قريباً بقذائف مدفعية. فكيف يمكن إذن أن تنتهي هذه الحرب الرهيبة؟"
بحسب الصحيفة، "إن أحد الاحتمالات هو التوصل إلى تسوية عن طريق التفاوض، والتي تتطلب في هذه المرحلة قبول زيلينسكي لخسارة الأراضي واستعداد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للتفاوض. في الواقع، لا يبدو أن أي من الأمرين من المتوقع حدوثه. بعد تكبدهم خسائر فادحة في وقت مبكر من هجوم الصيف، كان القادة الأوكرانيون حذرين، حيث تجنبوا الهجمات الكبيرة المكلفة لصالح الهجمات المحلية الصغيرة لتحقيق مكاسب إضافية. وإذا استمر هذا النمط، فقد تستمر الحرب لعقود من الزمن، كما توقع أحد الجنرالات البريطانيين".
وختمت الصحيفة، "بعد كل ما تحملته من معاناة وتضحيات، فإن التخلي عن أوكرانيا سيكون خطأً مأساوياً. إذا كانوا على استعداد للقتال، فيجب على الولايات المتحدة والغرب مساعدتهم بقدر ما يتطلب الأمر".