ذكر موقع "الجزيرة"، أنّ عملية مغادرة السكان الأرمن إقليم ناغورني قره باغ، تتواصل.
وبنهاية أيلول الماضي، فاق عدد الأرمن الذين فروا من الإقليم إلى أرمينيا 100 ألف شخص، حسب إفادة نازلي باغداراسيان، السكرتير الصحفي لرئيس الوزراء الأرميني، الذي أشار أن هذا الرقم سيُواصل الارتفاع.
وفي هذا السياق، يقول أرمين أرتونيان، الذي غادر الإقليم قبل أيام قليلة مع أسرته المكونة من 7 أشخاص، إنه قرر استعجال الرحيل من ستيبانكيرت بعد انتشار شائعات مفادها أن الأذربيجانيين قد يغلقون الطريق تمامًا، مما جعل المدينة تخرج بأكملها تقريبا إلى الطريق السريع في طابور ضخم بمجرد فتح ممر لاتشين، وهو الوحيد الذي يربط المنطقة بأرمينيا، وكان مغلقًا جزئيًا منذ كانون الأول من العام الماضي، ومغلقًا بالكامل منذ نيسان العام الحالي.
وأوضح أرتونيان أن حالة ازدحام سريعة امتدت تقريبًا إلى منطقة غوريس، قبل أن تزداد الحالة ترديًا ويمتد طابور السيارات المتوقفة إلى حوالي 40 كيلومترا، حيث بقي الناس في حالة انتظار لمدة 3 أيام، علما أن أقصى مدة للوصول من ستيباناكيرت إلى نقطة التفتيش لا تتجاوز ساعة ونصفا في الحالات العادية. وأضاف "ببساطة لم نكن مستعدين لمثل هذه الرحلة الطويلة والشاقة".
وتؤرق مشكلة المستقبل بعد العودة إلى أرمينيا كثيرين من أرمن قره باغ، ومن بينهم أرتاك سوفانيان، الذي يتساءل حول الضمانات الحقيقية التي يمكن أن يحصل عليها من غادر الإقليم، وفي ما إذا كانت ستقتصر على مجرد توفير أماكن لجوء مؤقته لهم في فنادق يريفان، أم سيتم تأمين مساكن دائمة وفرص عمل.
ويقول إنه في الوقت الذي يشعر فيه بالإرتياح لمغادرة قره باغ، لديه قلق كبير تجاه المستقبل، وخاصة مع الأوضاع السياسية غير المستقرة في أرمينيا، والأزمات الاقتصادية الخانقة التي تعيشها البلاد.
من جهته، يقول المحلل السياسي الأرميني فاغي أرتوريسيان، إن حالة القلق موجودة لدى من استطاع مغادرة الإقليم ومن لا يزال عالقًا فيه على حد سواء.
وقال أرتوريسيان إنه بالنسبة لمن ما يزالون في الإقليم، هناك مخاوف من أنهم أصبحوا ضمن القائمة التي تطالب باكو بتسليمها، وهي التي تضم سياسيين وعسكريين تعتبر الجهات الأذربيجانية أنهم "حققوا نجاحًا كبيرًا في إقامة الجمهورية الانفصالية"، فضًلا عن الشعور بالقلق إزاء احتمال إغلاق الممر الذي لم يكن مفتوحا إلا بالكاد، حسب وصفه.
هذه الهواجس لا تبدو كذلك لدى مراقبين أذربيجانيين، ومنهم الباحث في شؤون جنوب القوقاز أحمد عليلي، الذي يشدد على أن الجانب الرسمي الأرميني يدير حملة إعلامية وحربا نفسية تضر في المحصلة بالسكان الأرمن أنفسهم والرأي العام في أرمينيا.
وحسب رأيه، فإن يريفان "مرتاحة ضمنيًا" لهذا التطور لأنه أغلق ملفًا لم يعد من الوارد أن تشن حروبًا إضافية من أجله، لا سيما بعد اعترافها النهائي وبشكل رسمي بأن الإقليم هو أراضٍ أذربيجانية.
بالإضافة إلى ذلك، يشير عليلي إلى أن ما يصفها بالسياسة الدعائية التي تمارسها يريفان ستؤدي -خلال الأيام المقبلة- إلى عدم بقاء كل الأرمن في الإقليم، ممن وقعوا تحت تأثير التخويف من الخضوع للسطات الأذربيجانية، متابعًا أن الحكومة الأرمينية تلعب على ترهيب السكان بشكل غير مباشر، وفي الوقت ذاته تصور خروجهم بأنه هروب من أعمال التطهير العرقي والترحيل.
واختتم بالقول إنه إذا كان جزء من السكان الأرمن في قره باغ لا يريد العيش والامتثال للقوانين الأذربيجانية، فلا يمكننا إجبارهم على القيام بذلك. وعلى العكس من ذلك، يعتبر تصريح الرئيس علييف بخصوص الضمانات، خطوة في سياق حث السكان الأرمن على عدم مغادرة أماكن إقامتهم والانضمام إلى المجتمع الأذربيجاني متعدد الجنسيات. (الجزيرة)