يخشى الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر أن تستغل أطرافٌ الغضبَ الشعبي في المنطقة الشرقية عقب كارثة درنة التي أخرجت الأصوات المعارضة إلى العلن، لتنفيذ مخطط يستهدف نفوذه في المنطقة؛ وهو ما يفسر التوتر الأمني الذي شهدته المدينة مساء الجمعة بسبب اشتباكات بين كتيبة تابعة للجيش ومقاتلين موالين لوزير الدفاع السابق مهدي البرغثي.
وتشهد منطقة شرق ليبيا احتقانا بسبب فيضانات درنة وما تلاها من تعمد قيادة الجيش فرض القبضة الحديدية لمنع كل محاولات التعبير عن الغضب الشعبي إزاء حجم الكارثة غير المسبوقة، وكذلك بسبب الوضع السياسي الغامض وإخضاع الشأن العام للتوازنات الأسرية والمصالح الفئوية دون غيرها.
وبحسب مصادر قريبة من الجيش نجحت قوات لواء طارق بن زياد بقيادة صدام حفتر وكتيبتا 166 و20/20 في تطهير منطقة السلماني المعروفة بكثافتها السكانية وحي 602 من خلايا إرهابية تسلل بعض عناصرها إلى مدينة بنغازي، متخفّين بين الحشود الشعبية التي كانت قد انطلقت من مختلف مناطق ليبيا في سياق حملة "فزعة خوت" للتعبير عن تضامنها مع ضحايا مدينة درنة والجبل الأخضر إثر فاجعة العاشر من أيلول الماضي.
وقالت المصادر إن الأمر يتعلق بمسلحين ينتمون إلى فلول تنظيم مجلس شورى ثوار بنغازي الإرهابي المرتبط بتنظيم القاعدة، والتي غادرت بنغازي عقب تحريرها من قبل الجيش الوطني عام 2017 بعد فترة طويلة من المواجهات الدموية بدأت مع إطلاق الجنرال حفتر "عملية الكرامة" في ربيع 2014، وكذلك بمقاتلين محليين من قبيلة البراغثة موالين للبرغثي.
وكان البرغثي من أبرز قيادات عملية الكرامة قبل أن ينقلب عليها ويتحالف مع تيار الإسلام السياسي، وقد تولى منصب وزير الدفاع في حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج من فبراير 2016 إلى تموز 2018، وتم اتهامه بالتورط في الهجوم الإرهابي على قاعدة براك الشاطئ بجنوب وسط البلاد، والذي شنه إرهابيون يوم 18 أيار 2017 مستغلين انشغال الجيش بالاحتفالات المتزامنة مع ذكرى انطلاق عملية الكرامة في 16 أيار من عام 2014، وأدى إلى سقوط 148 قتيلا جلهم من المتخرجين حديثا من دورة عسكرية انضموا إثرها إلى الجيش الوطني.
وقالت قبيلة البراغثة إن عودة البرغثي إلى بنغازي جاءت نتيجة تشاور مع بعض أعيان القبيلة بعد أن أعلنت المؤسسة العسكرية أنه لا مانع لديها من عودة كل من يرغب في العودة من المخالفين لها إلى مدينة بنغازي، مشيرة إلى أن "قوات القيادة العامة استخدمت السلاح ولم تراع التراتبية العسكرية".
وأضافت قبيلة البراغثة التي تعتبر أحد مكونات قبيلة العواقير، أكبر قبائل بنغازي، في بيان إن "البرغثي تفاجأ بقدوم سيارات عسكرية تابعة للقيادة العامة تريد اعتقاله واقتياده كمجرم من المجرمين بعد عودته إلى منزله سالما للقاء أهله وأهالي بنغازي".