لا يبدو أن التطورات العسكرية التي بدأت تظهر في الساعات الاخيرة الماضية توحي بأن هناك تسوية قريبة أو عملية تفاوض مستجدّة ستفرض نفسها على المشهد الإقليمي، خصوصاً أن هناك توجّها اسرائيليا بتوسيع الحرب على قطاع غزّة من أجل تحقيق الأهداف الشاملة التي حدّدتها الحكومة.
هذا التصعيد العسكري الذي شهدناه ما بعد اعلان الكيان المُحتلّ استئناف القتال في غزّة وانتهاء الهدنة وسط اتهامات متبادلة بين طرفي المعركة بخرق مسار التهدئة، يهدف إلى إفراغ القطاع بشكل كامل من المدنيين، ما من شأنه أن يحقّق أمرين أساسيين: الاول؛ تحويل غزّة الى قطاع غير قابل للحياة وضرب أي بيئة حاضنة للمقاتلين في المقاومة الفلسطينية. أما الثاني فيتركّز حول تمكّن اسرائيل من إطالة أمد الحرب في ظلّ عملية الإفراغ، وبالتالي سيطرتها على الواقع المعلوماتي.
هذه الاهداف الاسرائيلية تسير بالتوازي مع تصعيد سيكون متدحرجاً من قِبل حلفاء "حماس" والذين لن يسمحوا، بحسب المعلومات، بكسرها أو بسقوط قطاع غزّة، لكن ذلك لن يحصل بشكل مفاجىء إنما سيجري بصورة تدريجية تؤدي الى تجنيب الحواضن الشعبية في المنطقة مخاطر الحروب حتى اللحظة الأخيرة.
تشير مصادر عسكرية مطلعة الى أن الاميركيين لا يظهرون أي جدية في عملية وقف إطلاق النار إنما يضغطون على "تل ابيب" انطلاقاً من ان الرأي العام الدولي الذي بات يبتعد كُلياً عن دعم اسرائيل يميل باتجاه فلسطين، وذلك على خلفية المجازر الوحشية التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق المدنيين والأطفال بشكل خاص.
وتقول المصادر أن الجولة الراهنة قد تستمرّ لعدّة أيام وربّما أسابيع قبل الاتفاق على وقف إطلاق نار جديد، خصوصاً إذا ما أبدت إسرائيل صلابة وصموداً في تحمّلها لحجم الخسائر التي تتكبّدها سيما على مستوى الأرواح، وهذا ما يشير الى احتمال التصعيد الكبير واندلاع حرب أكثر شراسة من مرحلة ما قبل الهدنة المؤقتة خصوصاً أن المقاومة الفلسطينية كانت قد أظهرت جهوزية شديدة خلال فترة الهدنة.
لا تزال المفاوضات حتى اللحظة تجري على قدم وساق وتتدخل فيها قطر بشكل مباشر، حيث لعبت في المرحلة الفائتة دوراً رئيسياً للتوصّل الى وقف إطلاق النار، غير أن التصعيد الاسرائيلي على قطاع غزة عاد من جديد ليعرقل كل المبادرات لاستعادة الهدنة. وترى مصادر سياسية متابعة للملفّ أنّ اسرائيل تسعى اليوم لتحقيق ما عجزت عنه قبل الهدنة رغم كل الضغوط الدولية الحاصلة. فهل تعود اسرائيل مجدداً الى المربّع الأول أي الى خيار الحرب في محاولة من نتنياهو للهروب الى الامام خشية إنهاء مسيرته السياسية؟