وجاء في التقرير:
في زاوية ساحة بلدة كفرشوبا، التي ازدانت بالألوان وضحكات الأطفال، وقف
أبو علي يتأمل أبناءه وهم يركضون بين الألعاب، تغمر وجوههم بهجة غابت طويلا، بفعل حرب سلبتهم طفولتهم وأبسط أشيائهم".
وبصوت اختلطت فيه الدموع بالفرح، يقول أبو علي للجزيرة نت: "منذ شهور لم أرهم بهذه السعادة، الحرب سرقت من وجوههم ملامح الطفولة، وجعلتنا نعدّ الأيام بين القصف والخوف، واليوم كأنهم يستعيدون حقهم في اللعب والحياة".
وأضاف: "حين رأيتهم يضحكون ويشاركون في المسرح يضيف أبو علي "شعرت وكأنني أتنفّس من جديد، هذه الفعاليات ليست لأطفالنا فقط بل شفاء لنا نحن أيضا كآباء، رأينا أبناءنا يكبرون على وقع الرعب بدلا من الأغاني.. العيد الحقيقي أن تراهم فرحين وآمنين، وهذا ما منحه لنا هذا اليوم".
وسط البلدة الجنوبية المنكوبة، وبين بقايا منازل هدمتها القذائف والصواريخ الإسرائيلية وقلوب أنهكها الخوف، بدأت الحياة تدب من جديد، فأطفال كفرشوبا، الذين خطفت الحرب ضحكاتهم، استعادوا شيئا من طفولتهم على وقع الموسيقى والألعاب ضمن فعالية مسرحية متنقلة جابت عددا من القرى الحدودية بمناسبة عيد الأضحى.
تقول ميرال القادري من سكان بلدة كفرشوبا للجزيرة نت: "جميل رؤية مثل هذه الأنشطة في بلدتي بعد كل ما مرت به من محن ودمار، والأطفال هنا بحاجة إلى مساحات آمنة يعيشون فيها لحظات من الفرح والطمأنينة، ويسترجعون شيئا من الطفولة التي سرقتها الحرب".
وتضيف بحزن: "الحرب تركت جروحا عميقة في نفوس الصغار، ومثل هذه المبادرات تُسهم في تضميد بعض تلك الجراح، لحظات بسيطة كهذه قد تترك في قلوبهم أثراً لا يُمحى، وتُعيد لهم ثقة بالحياة".
أما آلاء
الغربي، فتؤكد أهمية الأنشطة التي نُظّمت خلال العيد، وتقول إنها لم تكن مجرد ترفيه، بل حاجة نفسية لأطفال أنهكتهم أصوات الانفجارات ومشاهد الدمار، والكل يعرف كم اختفت الابتسامة عن وجوههم، وكم عاشوا من الخوف ما لا يحتمله قلب طفل.
وفي حديثها عبر "الجزيرة نت، تقول الغربي: "اليوم تعود البهجة إلى قلوبهم، نراها في أعينهم وهم يركضون ويلهون وكأنهم يعلنون انتصار الحياة على الموت والأمل على الألم".
وختمت الغربي آملة "أن يعمّ السلام هذه الأرض، ويحمل
الغد طمأنينة لكل قلب موجوع، عسى أن تكون هذه الفعاليات
فاتحة خير، وهدية ربانية تعيدنا جميعا إلى الحياة من جديد".
ومن قلب الحدث، توضح ديما القادري من جمعية "أوردا"، التي نظّمت سلسلة من الأنشطة الترفيهية والمسرحية في 5 قرى حدودية تضررت بشدة خلال الحرب، من بينها كفرشوبا، وتقول إنهم أعدوا عرضاً مسرحياً مُتنقلا تخلله توزيع هدايا وحلوى وألعاب على الأطفال.
وتضيف أن "الفعالية ليست ترفا بل رسالة حياة تعكس روح الجنوب المقاوم الذي لا ينكسر، نحن هنا لنقول إننا رغم كل ما مررنا به ننهض من تحت الركام ونمنح أطفالنا حقهم بالفرح".
ولأن "الطفولة لا تنتظر، والوجع لا يُؤجل"، حسب قادري، فهم يسعون عبر هذه المبادرات إلى دعم الأطفال نفسيا، وتخفيف الآثار التي تركتها الحرب عليهم، وتردف: "نريدهم أن يعيشوا طفولتهم كأي طفل في العالم". (الجزيرة نت)