سأل موقع "France Inter" الفرنسي "إلى أي مدى سيصل التصعيد بين
إسرائيل وإيران؟ في اليوم الرابع، وصلت الدولتان، العدوتان منذ عقود، إلى مستوى غير مسبوق من المواجهة: فقد تحولت الحرب الخفية إلى حرب مفتوحة. لم يسبق للدولة اليهودية أن شنّت هجومًا واسع النطاق كهذا على البرنامج
النووي الإيراني وأهدافه العسكرية والصناعية. أما
إيران، فلم تنجح مطلقًا في توجيه ضربات بصواريخها إلى قلب إسرائيل، والآن فعلتها مما تسبب في سقوط العديد من الضحايا المدنيين".
وبحسب الموقع، "ما سيحدث بعد ذلك هو لعبة مجهولة من جوانب عدة، وتعتمد على النوايا الحقيقية لإيران وإسرائيل، بطبيعة الحال، ولكن أيضا على النوايا الحقيقية للرئيس الأميركي
دونالد ترامب، الذي يتحدث أكثر مما يتصرف حتى الآن في حرب تتعارض مع خطابه
الطويل الأمد لتجنب التدخل الأميركي في صراعات
الشرق الأوسط. إن الجانب
الرئيسي المجهول هو الهدف النهائي لإسرائيل: فهل ستكتفي، إذا جاز التعبير، بمجرد تدمير البرنامج النووي الإيراني؟ أم ستواصل هجومها حتى انهيار نظام طهران، وصولًا إلى "تغيير النظام" بصبغة المحافظين الجدد؟ هذا من شأنه أن يُغيّر طبيعة المواجهة".
وتابع الموقع، "لا شك أن رئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يريد إسقاط النظام الإسلامي، أما مسألة قدرته على ذلك، فهو موضوع آخر. فلا يمكن إسقاط نظام بالطائرات وحدها، لكن يمكن إثارة فوضى عارمة تؤدي في النهاية إلى انهيار الدولة. لم يأتِ أي تغيير للنظام بفعل خارجي بنتائج إيجابية منذ أكثر من ثلاثين عاماً: لا في أفغانستان عام 2001، ولا في
العراق عام 2003، ولا في ليبيا عام 2011. وفي
سوريا في شهر كانون الأول الماضي، كان المقاتلون السوريون هم الذين أسقطوا نظام بشار
الأسد، حتى ولو حصلوا على مساعدة من قوى أجنبية. ولكن مهما بلغت درجة الكره لنظام طهران القمعي، فإن الاعتقاد بأن انهياره تحت الضغط الإسرائيلي القاسي من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من التقدم والحرية للإيرانيين هو وهم: إنه خلط بين التمني والواقع".
وأضاف الموقع، "من المرجح أن يؤدي انهيار النظام إلى مزيد من الفوضى، التي قد تؤدي إلى بروز المزيد من القمعيين. إن إسرائيل تميل إلى القيام بذلك، أولاً لأن إيران تعلن منذ عقود أنها تريد
القضاء على الدولة اليهودية، ولكن أيضاً لأن أكثر أعضاء القيادة
الإسرائيلية تفاؤلاً لديهم رؤية كارثية للتاريخ، بالمعنى التوراتي للمصطلح: فهم يعتقدون أن الفوضى سوف تمكنهم من تحقيق أهدافهم الإقليمية والإنسانية. وتتوافق الأحداث التي شهدتها الأشهر القليلة الماضية، رداً على هجوم
حماس في السابع من تشرين الأول، مع هذا الرأي.من جانبه، يبدو أن
ترامب كان ضحيةً لما حدث في الأيام الأخيرة أكثر من كونه مُبادرًا، وصرّح بأنه لا يُؤيد العمل العسكري، لكنه سمح بحدوثه، بل وعرض موافقته على نتنياهو، الذي يدفعه الآن لمزيد من التدخل".
وبحسب الموقع، "اليوم، يعلن الرئيس الأميركي أنه يريد التوصل إلى هدنة بين إسرائيل وإيران، ولكن بشرط موافقة الأخيرة على تعليق تخصيب اليورانيوم. من جانبها، قالت إيران إنها مستعدة لوقف الحرب إذا فعلت إسرائيل الشيء نفسه، ولكن هذا غير مرجح طالما لم يتم تدمير البرنامج النووي بشكل مؤكد. من موقع ضعف، حرصت إيران حتى الآن على عدم إشراك
الولايات المتحدة أو دول الخليج في ردها، إذ إن استراتيجيتها هي بقاء النظام، ولكن هل هي مستعدة للاستجابة للمطلب الأميركي بإنهاء الحرب؟ ومن ثم فإن هذه الأزمة الكبرى تحمل في طياتها إمكانية خطيرة للتصعيد، مما يلقي بظلاله على الجهود المبذولة لإنهاء المأساة في غزة، ويؤدي مرة أخرى إلى تقويض القانون الدولي".
وختم الموقع، "كما نرى مع كل أزمة، أصبحت القوة هي المعيار الوحيد في هذا العالم الجديد، وليس فقط في الشرق الأوسط".