ذكر موقع "France Inter" الفرنسي أنه "حتى بين أشرس الخصوم، قد تكون هناك حروبٌ مُبرمجة. ومن المؤكد أن الأمر يتعلق بقواعد الاشتباك، وبالإشارة السياسية التي يرسلها أحدهما إلى الآخر. وخير مثال على ذلك أن
إيران أبلغت مسبقاً كلا من قطر والولايات المتحدة أن
القاعدة الاميركية العملاقة في العديد، بالقرب من
الدوحة، سوف تكون هدفاً لضربات صاروخية".
وبحسب الموقع، "لم يكن الهدف من هذه الضربات الصاروخية تدمير القاعدة أو قتل ساكنيها، فإطلاق بضعة صواريخ على إحدى المنشآت الأكثر حماية لن يكون كافيا، بل كان الهدف إرسال رسالة سياسية مفادها أن إيران لا تسعى إلى التصعيد مع
الأميركيين. لم يكن النظام
الإيراني ليسمح للقصف غير المسبوق لمواقعه النووية من قبل الطائرات الأميركية أن يمر من دون رد، وهو ما يشكل إذلالاً حقيقياً، ولكنه يعلم أيضاً أنه غير قادر على مواجهة حرب مفتوحة مع
الولايات المتحدة. هو يعترف فعليًا بهزيمته، لكنه يضمن بقاء النظام".
وتابع الموقع، "لقد تلقى الرئيس الأميركي
دونالد ترامب هذه الرسالة بشكل جيد، واستخلص على الفور العواقب من خلال إعلان نهاية هذه الحرب التي استمرت اثني عشر يومًا. لقد فاجأ الجميع، حلفاءه وكذلك
إسرائيل، التي كانت في وضع حرج وعرضة لهجمات صاروخية. في الواقع، هذا يناسبه سياسيا. فقد حرص
ترامب على الحديث عن قصف
يوم الأحد باعتباره عملا فرديا، وليس بداية حرب. يشعر جزء من ناخبيه بالامتعاض بسبب هذه العملية العسكرية، ويخاطر الرئيس بفقدان هؤلاء الناخبين من خلال الدخول في تصعيد يتعارض مع التزاماته بإحلال السلام. وكان الأمر ليكون مختلفا لو كانت هناك خسائر في صفوف الأميركيين في الهجمات الصاروخية
الإيرانية الأخيرة".
وأضاف الموقع، "سبق وأن حدث هذا الأمر. ففي عام 2019، خلال فترة ولاية ترامب الأولى، أسقطت إيران طائرة أميركية من دون طيار بقيمة 130 مليون دولار. وكان من المقرر أن تقوم الولايات المتحدة بالرد على القواعد الإيرانية، لكن
دونالد ترامب ألغى العملية، موضحاً أن الطائرة كانت من دون طيار، وبالتالي لم تقع إصابات، في حين أن العمليات الانتقامية كانت ستخلف عشرات القتلى. والمنطق عينه ينطبق اليوم. سيتمكن ترامب من التباهي بلا حدود باستخدامه أقصى قوة ممكنة ضد إيران، على عكس أسلافه، وبأنه تحلى بالإنصاف والتسامح في أعقاب المواجهة".
وبحسب الموقع، "لا يملك
نتنياهو المنطق عينه، فقد زاد الاثنين من قصفه، وحتى وسع أهدافه، مع بقاء نفس السؤال حول أهداف الحرب: الطاقة النووية، أم تغيير النظام؟ ليس هناك شك في أن إسرائيل تفضل المضي قدماً حتى النهاية، حتى لو اضطرت إلى الاكتفاء بتقليص البرنامج
النووي الإيراني، وليس تدميره بالكامل. وإلى جانب ذلك، فإن هذا يعني بوضوح أن دونالد ترامب هو الذي يقرر الآن السلام والحرب في العالم. وهذا بالتأكيد ليس خبراً جيداً للنظام العالمي".