بدأت تتسرب معلومات بشأن تسوية مرتقبة بين النظام السوري بقيادة أحمد الشرع وإسرائيل، قد تؤدي إلى تطبيع العلاقات بين البلدين. هذه التسريبات أثارت الكثير من التكهنات حول انعكاسات هذه الخطوة على الوضع الإقليمي في الشرق الأوسط. إذا تم التوصل إلى اتفاق كهذا، فإنه سيمثل تحولًا حقيقيًا في خريطة التحالفات والسياسات في المنطقة.
سوريا، التي كانت على مدى عقود واحدة من أبرز الدول التي تقود المواقف
المعارضة لإسرائيل، ستصبح بذلك
الدولة العربية الثالثة من دول الطوق التي تطبع علاقتها مع
إسرائيل بعد مصر والأردن. هذه الخطوة، إذا حدثت، ستكون أكثر أهمية من تطبيع العلاقات مع دول
الخليج العربي، لأن سوريا كانت دائمًا في صدارة القوى التي تواجه إسرائيل، وخاصة على جبهة
الجولان. تأثير التطبيع السوري مع إسرائيل لن يقتصر على العلاقات الثنائية فقط، بل سيمتد ليشمل التأثير المباشر على توازن القوى في المنطقة.
إسرائيل ستعتبر هذه الخطوة إنجازًا استراتيجيًا مهمًا، إذ سيساعد على منع عودة النفوذ
الإيراني في سوريا، الذي ظل ينمو على مدار السنوات الأخيرة. كما أن تطبيع العلاقات مع سوريا قد يفتح المجال أمام إسرائيل لتوسيع نطاق علاقاتها مع باقي
الدول العربية التي كانت تراقب عن كثب هذه التطورات.
اما بالنسبة للبنان، فيبقى هو الدولة الوحيدة من دول الطوق التي لم تشهد تطبيعًا مع إسرائيل. ولكن
لبنان، باعتباره دولة صغيرة جغرافياً من دون عمق استراتيجي حيوي، يبدو أنه لن يكون قادرا على اتخاذ أي خطوة فعلية ضد إسرائيل. في هذا السياق، يشير البعض إلى أن
حزب الله، رغم قدراته العسكرية، لا يمتلك أي قدرة على شن حرب شاملة ضد إسرائيل بمفرده.
وإذا ترافق تطبيع العلاقات بين سوريا وإسرائيل مع تطبيع مماثل من دول أخرى في المنطقة، فإن ذلك سيحدث نقلة نوعية في التحولات الجيوسياسية. من شأن هذا أن ينهي عمليًا الصراع العربي
الإسرائيلي الذي استمر لعقود، مما يؤدي إلى إعادة تشكيل التحالفات في المنطقة. في حال حدوث ذلك، ستظهر منطقة جديدة أقل انقسامًا وأكثر توافقًا على المستوى السياسي، لكن التحديات المتعلقة بالتأثيرات المحلية والدولية ستظل قائمة.