نشر موقع "عربي21" تقريراً جديداً قال فيه إن "الحرب الإيرانية الإسرائيلية التي استمرت لـ12 يوماً، أثارت العديد من التساؤلات عن مستقبل النفوذ الإيراني في العراق، بعد الخسائر الكبيرة التي تعرضت لها طهران سواء في استهداف القادة العسكريين، أو ضرب المنشآت النووية".
وتأتي الأزمة الحالية لإيران، في وقت يقترب فيه العراق من إجراء انتخابات برلمانية من المقرر أن تجري في 11 تشرين الثاني المقبل، الأمر الذي طرح سؤالاً محورياً عن مدى استمرار تأثير
إيران في المشهد العراقي بعد خروجها من الحرب.
اختلاف الموازين
وعن مدى تراجع النفوذ الإيراني في العراق، قال أوس الخفاجي الزعيم السابق لفصيل "أبو الفضل العباس"، المنضوي ضمن قوات الحشد الشعبي العراقية، إن "موازين القوى التي أفرزتها الحرب ستجعل إيران لا تتدخل في اختيار رئيس الوزراء العراقي القادم".
ومنذ الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، تسيطر
إيران على المشهد السياسي في العراق بشكل كامل، وتتحكم باختيار شخص رئيس الحكومة، إضافة إلى رئيسي الجمهورية والبرلمان.
وعقب انتخابات عام 2018، صرّح قائد الحرس الثوري الإيراني السابق، اللواء محمد علي جعفري، بالقول: إن إيران انتصرت على أمريكا في العراق بنتيجة "ثلاثة– صفر"، في إشارة إلى اختيار مقربين منها لتولي الرئاسات العراقية الثلاث، الجمهورية والحكومة والبرلمان.
وأعرب الخفاجي خلال مقابلة تلفزيونية، الأحد، عن اعتقاده، أن الانتخابات البرلمانية العراقية المقبلة ستحمل تغييرا كبيرا، متوقعا تعرض "الأحزاب الهرمة" إلى هزيمة سياسية في هذه الانتخابات.
وأكد القيادي السابق في الحشد الشعبي، أن "الحرب (الإيرانية- الإسرائيلية) ستلقي بظلالها على الوضع السياسي في العراق"، مرجحا "اقتراب موعد محاكمة قتلة أبناء ثورة تشرين، وزجهم في السجون".
وفي تشرين الأول 2019، شهد العراق احتجاجات شعبية عُدت الأكبر في تاريخه الحديث، طالبت بمحاكمة الأحزاب الحاكمة منذ عام 2003، لكنها جوبهت بقمع شديد من الحكومة، أدى إلى مقتل نحو800 متظاهر وإصابة 35 ألفا آخرين.
من جهتها، رأت مستشارة مركز "المورد" للدراسات والإعلام السياسي، الباحثة العراقية نوال الموسوي، أن "القوانين الأمريكية، وقرارات إدارة
ترامب ومنها
العقوبات القصوى ضد إيران كلها من شأنها أن تتسبب بتراجع نفوذ الأخيرة في المنطقة وليس في العراق فقط".
وقالت الموسوي لـ"عربي21" إن "النفوذ الإيراني في الساحة العراقية أتوقع أنه سيتراجع بعد الحرب الإسرائيلية الإيرانية، لأن هناك تحولات جديدة بالمنطقة وعلى العراق ألا ينخرط فيها ويكون ضمن أي محور".
وأشارت إلى أن "قضية السلاح خارج نطاق الدولة يجب حلها، وهذا الأمر جرى مناقشته قبل مدة وتم تخويل الحكومة العراقية لإدارة هذا الملف، وأن عدم انخراط هذا السلاح في المواجهة بين إيران وإسرائيل يعد مؤشرا إيجابيا لصالح العراق".
وأوضحت الموسوي أنه "متى ما كان السلاح غير مؤثر خارج حدود العراق، فإن الجانب الأمريكي لن يتعامل معه بالقوة، وإنما سيحث على دمجه في منظومة الدولة العراقية".
ولفتت إلى أن "دخول الأطراف الحليفة لإيران في الانتخابات البرلمانية المقبلة، هو بالتأكيد أمير غير مرفوض، لكن السلاح الذي تمتلكه مسألة يجب أن تواجه من الداخل العراقي، لأنه ثمة بند دستوري ينص على وجوب نزع سلاح الأحزاب كافة".
وبحسب الباحثة، فإن "الحفاظ على المصالح الأمريكية ولاسيما الاقتصادية هذه أولوية بالنسبة لإدارة ترامب، بالتالي الجانب الأمريكي سيستمر في تحرير ملف الطاقة العراقي عن سيطرة إيران، وهذا الأمر بدأ منذ عهد الرئيس السابق جو بايدن".
وتوقعت الموسوي أن "الجانب الأميركي سيضغط أيضاً على العراق من أجل تعزيز علاقاته الإقليمية مع دول المنطقة، وخصوصا العربية منها، مشددة على أن "تراجع النفوذ الإيراني لا يعني القبول بغيره سواء لأمريكا أو حلفائها بالمنطقة".
وعلى الصعيد ذاته، قال المحلل السياسي العراقي، عائد الهلالي، إن "السياسة التي مارستها حكومة، محمد شياع السوداني، منذ اندلاع أحداث السابق من أكتوبر 2023، اتسمت بالحياد والذهاب إلى إنتاج قرار سيادي
عراقي على كل المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية".
وأضاف الهلالي لـ"عربي21" أن "العراق بحاجة اليوم إلى إعطاء دور أكبر للمستوى الدبلوماسي، وذلك تدعيم المؤسسة الأمنية، التي عانت من انتهاكات صارخة من طرفي الحرب (إيران وإسرائيل)، لأن سماء البلاد كانت مستباحة للجانبين".
وأشار إلى أن "الحكومة الحالية جنبت العراق الانخراط في المعركة، ومن هنا فإن المؤشرات تؤكد أن البلد ذاهب إلى إنتاج حكومة ومؤسسات دولة مختلفة عن الحكومات السابقة".
وأكد الهلالي أن "العراق أمام اختبار حقيقي في الانتخابات البرلمانية المقبلة لإظهار مدى تمكنه من إنتاج قرار سياسي وطني بعيدا عن النفوذ الخارجي".
وتابع: "الحكومة العراقية حاولت في الفترة الماضية أن تمسك العصا من المنتصف وألا تذهب للانخراط في محاور غربية أو شرقية، وبالتالي تريد خلق مساحة للتحرك من خلالها لتدعيم مؤسساته".
وخلص الهلالي إلى أن "العراق عانى بشكل كبير جداً من قضية التبعية لهذا الطرف أو ذاك، بالتالي نحن بحاجة إلى أن يكون لدينا خطاب على مستوى الكتل السياسية يدعم خطوات الحكومة، لأن حالة التشظي لا تمنحنا الفرصة الكاملة في اختيار القرارات". (عربي21)