قال موقع "بيزنس إنسايدر" إن عملية "مطرقة منتصف الليل"، كانت واحدة من أكثر العمليات العسكرية جرأة وتنظيماً منذ عقود.
وأشار إلى أن العملية التي نفذتها قاذفات بي-2 لم تكن المهمة ارتجالية، بل اعتمدت على تخطيط طويل، وتدريب دقيق، وتنسيق غير مسبوق بين مختلف فروع القوات المسلحة الأميركية.
وبحسب التقرير، فقد انطلقت سبع قاذفات من قاعدة وايتمان الجوية في ولاية ميزوري، في رحلة استمرت قرابة 18 ساعة، تخللتها عمليات تزويد متعددة بالوقود جواً، وشاركت فيها أكثر من 125 طائرة عسكرية، شملت مقاتلات من الجيلين الرابع والخامس، وطائرات دعم ومراقبة إلكترونية، إضافة إلى غواصة صواريخ موجهة أطلقت أكثر من 24 صاروخ توماهوك نحو أهداف في أصفهان.
تميّزت العملية باستخدام أساليب خداع عسكري متقدمة، حيث اتجهت بعض القاذفات نحو المحيط الهادئ كجزء من خطة التضليل، فيما حلقت المقاتلات في طليعة القاذفات داخل المجال الجوي للشرق الأوسط لرصد وإرباك الدفاعات الجوية
الإيرانية.
وفي الوقت نفسه، شنت غواصة أميركية هجمات متزامنة لإرباك منظومة الرد الإيرانية، مما سمح للقاذفات باختراق المجال الجوي
الإيراني دون أن تُكتشف أو تُستهدف.
وخلال 25 دقيقة فقط، قامت القاذفات B-2 بإلقاء قنابل خارقة للتحصينات من طراز GBU-57، تزن الواحدة منها حوالي 14 طناً، مباشرة إلى فتحات التهوية في منشآت فوردو ونطنز وأصفهان النووية، مستهدفة الأعماق التي تحتضن البنية التحتية للبرنامج
النووي الإيراني.
لكن نجاح هذه المهمة تطلّب جهوداً جماعية هائلة وتدريباً مكثفاً على كل مرحلة، من التخطيط إلى التنفيذ. وأوضح الكولونيل المتقاعد براين "جيثرو" نيل، أحد طياري B-2 المخضرمين، أن السر يكمن في التدريب المتواصل والاستعداد النفسي واللوجستي لكل طارئ.
وأشار إلى أنه خلال مرحلة التخطيط، تتكامل جهود العسكريين والمدنيين، من محللي الاستخبارات إلى الطيارين والفنيين ومراقبي الحركة الجوية، حيث يتم فحص كل سيناريو محتمل، وتُحديد التهديدات والمخاطر، وتُصاغ الخطط البديلة بدقة.
في الوقت ذاته، يعمل الفنيون على تجهيز الطائرات، وحساب كمية الوقود بناءً على وزن الحمولة، وفحص ضغط الإطارات وحالة الذخائر. (العين)
ويتولى فريق معدات الطيران تجهيز الطيارين بكل ما يحتاجونه، من خوذات وأنظمة أكسجين وسترات واقية، إلى أسرّة مريحة ومرافق طبية صغيرة داخل القاذفة. كما يشرف على تجهيز مظلات النجاة والأسلحة الشخصية مثل المسدسات، تحسباً لاحتمال سقوط الطيارين في أراضٍ معادية.
تحمل القاذفة B-2 ما بين 16 إلى 80 قنبلة طراز JDAM (جدام) موجهة بنظام GPS، ويقوم الفنيون بفحص كل واحدة منها بدقة. كما تعمل أبراج المراقبة على ضمان التوقيت المثالي للإقلاع والهبوط، في مهمة تتطلب تنسيقاُ محكماً على مدار الساعة.
من أبرز تحديات هذه المهمات الإرهاق الذهني والجسدي. إذ تتطلب الرحلة الطويلة وعملية القصف ساعات من التركيز تحت ضغط نفسي كبير.
ويشير نيل إلى أنهم لجؤوا إلى وسائل بسيطة مثل المناديل المبللة لتنشيط أنفسهم قبل الاقتراب من الهدف، بالإضافة إلى مراجعة قواعد الاشتباك طوال الرحلة للحفاظ على التركيز.
ولتفادي آثار التعب، يخضع الطيارون لتدريبات خاصة تشمل محاكاة رحلات تدوم 24 ساعة، يتناوبون خلالها بين النوم وقيادة جهاز المحاكاة، ليصبح التحليق لفترات طويلة أمراً معتاداً لديهم.
والهدف هو أن يتحول كل تصرف، من التزود بالوقود جواً إلى إسقاط الذخائر تحت الضغط، إلى رد فعل تلقائي مدروس مسبقاً.
اللافت أن الدفاعات الجوية الإيرانية لم ترصد تحركات القاذفات، ولم تتفاعل بأي شكل أثناء مغادرتها، ما يعكس نجاح أساليب الإرباك والتخفي المستخدمة. وقد أكدت القيادة
الأمريكية أن النجاح تحقق بفضل التدريب المستمر والتخطيط المتقن والاستعداد التام لكل السيناريوهات.