تساءل الكاتب والسياسي الإسرائيلي السابق، دانيال فريدمان، عن السبب الذي يجعل حماس تستطيع مواصلة القتال دون دعم إيران، وقال إن الصراع الذي تواجهه إسرائيل ليس حرباً واحدة، كونها تواجه حملتين متوازيتين، إحداهما ضد إيران، والأخرى ضد حماس في غزة.
وفي مقال له عبر صحيفة "جيروزاليم بوست"
الإسرائيلية، قال فريدمان إنَّ و
قف إطلاق النار مع إيران "هش"، وتشير التقارير إلى أن اتفاقاً بين الولايات المتحدة وطهران قيد الإعداد، إلا أن تساؤلات لا تزال قائمة حول ما إذا كان سيتم الانتهاء منه، وما تتضمنه شروطه، وما إذا كان سيوقف حقاً طموحات إيران النووية العسكرية، أم سيؤجلها مؤقتاً فحسب.
وفي حين تضررت البنية التحتية الصاروخية الإيرانية بشدة، لا توجد مؤشرات تُذكر على استعدادها لتفكيك أو تقييد برامج أسلحتها، وفق التقرير.
كذلك، قال فريدمان إنه "في غضون ذلك، تستمر الحرب في غزة، التي دخلت شهرها العشرين، دون نصر حاسم في الأفق"، وأضاف: "على عكس إيران، فإن حماس ليست طرفاً فاعلاً في هذه الحرب، ولقد أدى التعامل مع الأمر على هذا النحو إلى سوء تقدير استراتيجي، والذي تمثل في الظن بأن السلام مع إيران سيجلب الهدوء في غزة، ولكن حماس تعمل بشكل مستقل، وأظهرت قدرتها على مواصلة الحملة دون مساعدة إيرانية".
وزعم الكاتب قائلاً إنّ "إسرائيل حققت نجاحات عملياتية كبيرة في حملتها ضد إيران، لا سيما من خلال سلاح الجو والموساد، إلا أن هذه الانتصارات لا ترقى إلى مستوى النصر الحاسم"، مشيراً إلى أن التكاليف باهظة، لأن الصواريخ الإيرانية ألحقت أضرار جسيمة بالمدن الإسرائيلية، وتسببت في مقتل العشرات وجرح المئات ونزوح الآلاف، ولأول مرة في تاريخها، وجدت إسرائيل نفسها تحت حصار حقيقي، وظل مطار بن غوريون مغلقاً طوال فترة القتال، مما أدى إلى تقطع السبل بعشرات الآلاف من الإسرائيليين في الخارج.
كذلك، اعتمدت إسرائيل على المساعدات الخارجية أكثر من أي وقت مضى، ليس فقط للإمدادات العسكرية، ولكن أيضاً للعمل العسكري المباشر، حيث لعبت الولايات المتحدة دوراً محورياً في كل من العمليات الدفاعية والقتال الفعلي، ومع ذلك، ورغم هذه الجهود، تفتقر إسرائيل إلى حل شامل لتهديد الصواريخ.
أما عن الحرب ضد حماس في غزة، فيقول الكاتب، إنها أصبحت الأطول في تاريخ إسرائيل، والتي بدأت بأحداث السابع من تشرين الأول، وتوسعت منذ ذلك الحين لتشمل ضربات "
حزب الله" على
الجبهة الشمالية، مما أجبر إسرائيل على إخلاءات جماعية.
وتابع الكاتب: "بمقاييس مادية، كالأراضي التي سيطرت عليها، وخسائر العدو، والأسلحة التي تم تحييدها، يبدو أن إسرائيل هي المتفوقة، لقد ضعفت حماس وحزب الله بشكل كبير؛ وانهار النظام السوري؛ وخسرت إيران قادة عسكريين رئيسيين وبنية تحتية حيوية، لكن النفوذ الدبلوماسي يروي قصة مختلفة".
وأوضح أن "مكانة إسرائيل العالمية عانت بشكل كبير، بينما تحسن الوضع الدبلوماسي للفلسطينيين"، واستطرد: "هذا التآكل يهدد علوم إسرائيل وثقافتها واقتصادها، والأهم من ذلك كله، أمنها".
ويقول الكاتب، إن إسرائيل تكبدت خسائر فادحة في عملية عربات جدعون، وعلى الرغم من أن خسائر حماس البشرية كانت أكبر بكثير، إلا أن الحركة أثبتت عدم اكتراثها بالخسائر البشرية، حتى عندما يتعلق الأمر بمقتل مدنيين غير متورطين، مضيفاً أن حماس تدرك أن الوقت في صالحها، سعياً إلى تقويض شرعية إسرائيل".
وذكر أنَّ "جميع الحروب الإسرائيلية أثبتت أن الحرب تضخم ميزانية الدفاع، وتطيل مدة الخدمة العسكرية، ومع تطور أنظمة الأسلحة، تشكل الهجمات المفاجئة تهديدا مستمراً".
واختتم قائلاً إن استمرار القتال في غزة، إلى جانب ما يحدث في الضفة الغربية، كارثة بكل المقاييس، فكل يوم يستمر فيه هذا الوضع يُسرّع من تراجع مكانة إسرائيل الدولية، ولا يقتصر الضرر على سمعتها الاقتصادية والثقافية؛ بل يُشكّل تهديداً مباشراً لأمنها، وللتعافي، يجب على إسرائيل التصرف بحكمة، في ساحة المعركة، وعلى الساحة الدولية، وفي مجتمعها.